وجملة (مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ) ـ و (نُوحِيها) ـ و (ما كُنْتَ تَعْلَمُها) أخبار عن اسم الإشارة ، أو بعضها خبر وبعضها حال. وضمير (أَنْتَ) تصريح بالضمير المستتر في قوله : (تَعْلَمُها) لتصحيح العطف عليه.
وعطف (وَلا قَوْمُكَ) من الترقي ، لأن في قومه من خالط أهل الكتاب ومن كان يقرأ ويكتب ولا يعلم أحد منهم كثيرا مما أوحي إليه من هذه القصة.
والإشارة بقوله : (مِنْ قَبْلِ هذا) إما إلى القرآن ، وإما إلى الوقت باعتبار ما في هذه القصة من الزيادة على ما ذكر في أمثالها مما تقدم نزوله عليها ، وإما إلى (تِلْكَ) بتأويل النبأ ، فيكون التذكير بعد التأنيث شبيها بالالتفات.
ووجه تفريع أمر الرسول بالصبر على هذه القصة أن فيها قياس حاله مع قومه على حال نوح ـ عليهالسلام ـ مع قومه ، فكما صبر نوح ـ عليهالسلام ـ فكانت العاقبة له كذلك تكون العاقبة لك على قومك. وخبر نوح ـ عليهالسلام ـ مستفاد مما حكي من مقاومة قومه ومن ثباته على دعوتهم ، لأن ذلك الثبات مع تلك المقاومة من مسمى الصبر.
وجملة (إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) علة للصبر المأمور به ، أي اصبر لأن داعي الصبر قائم وهو أن العاقبة الحسنة تكون للمتقين ، فستكون لك وللمؤمنين معك.
والعاقبة : الحالة التي تعقب حالة أخرى. وقد شاعت عند الإطلاق في حالة الخير كقوله : (وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى) [طه : ١٣٢].
والتعريف في (الْعاقِبَةُ) للجنس.
واللام في (لِلْمُتَّقِينَ) للاختصاص والملك ، فيقتضي ملك المتقين لجنس العاقبة الحسنة ، فهي ثابتة لهم لا تفوتهم وهي منتفية عن أضدادهم.
[٥٠ ـ ٥٢] (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ (٥٠) يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ (٥١) وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (٥٢))
عطف على (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) [هود : ٢٥] ، فعطف (وَإِلى عادٍ) على (إِلى قَوْمِهِ) [هود : ٢٥] ، وعطف (أَخاهُمْ) على (نُوحاً) [هود : ٢٥] ، والتقدير : وأرسلنا إلى