وقرأ الجمهور «ألا إنّ ثمودا» ـ بالتنوين ـ على اعتبار ثمود اسم جدّ الأمة. وقرأه حمزة ، وحفص عن عاصم ، ويعقوب ، بدون تنوين على اعتباره اسما للأمّة أو القبيلة. وهما طريقتان مشهورتان للعرب في أسماء القبائل المسمّاة بأسماء الأجداد الأعلين.
وتقدّم الكلام على (بُعْداً) في قصة نوح (وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [هود : ٤٤].
[٦٩ ـ ٧٣] (وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (٦٩) فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ (٧٠) وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ (٧١) قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (٧٢) قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (٧٣))
عطف قصة على قصة.
وتأكيد الخبر بحرف (قد) للاهتمام به كما تقدّم في قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) [هود : ٢٥].
والغرض من هذه القصّة هود : الموعظة بمصير قوم لوط إذ عصوا رسول ربّهم فحلّ بهم العذاب ولم تغن عنهم مجادلة إبراهيم. وقدّمت قصة إبراهيم لذلك وللتنويه بمقامه عند ربّه على وجه الإدماج ، ولذلك غيّر أسلوب الحكاية في القصص الّتي قبلها والتي بعدها نحو وَإِلى عادٍ) [هود : ٥٠] إلخ.
والرّسل : الملائكة. قال تعالى : (جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) [فاطر : ١].
والبشرى : اسم. للتبشير والبشارة. وتقدّم عند قوله تعالى : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) في أوّل سورة البقرة [٢٥]. هذه البشرى هي التي في قوله : فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ) لأنّ بشارة زوجه بابن بشارة له أيضا.
والباء في (بِالْبُشْرى) للمصاحبة لأنّهم جاءوا لأجل البشرى فهي مصاحبة لهم كمصاحبة الرسالة للمرسل بها.
وجملة (قالُوا سَلاماً) في موضع البيان للبشرى ، لأنّ قولهم ذلك مبدأ البشرى ، وإنّ ما اعترض بينها حكاية أحوال ، وقد انتهى إليها في قوله : (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ) إلى قوله (إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).