شاهدوا آثاره ، فذلك موعظة لهم لو كانوا مهتدين.
وجملة (وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ) علاوة وارتقاء على عدم نفعهم عند الحاجة بأنّهم لم يكن شأنهم عدم الإغناء عنهم فحسب ولكنهم زادتهم تتبيبا وخسرانا ، أي زادتهم أسباب الخسران.
والتتبيب : مصدر تبّبه إذا أوقعه في التباب وهو الخسارة. وظاهر هذا أن أصنامهم زادتهم تتبيبا لمّا جاء أمر الله ، لأنّه عطف على الفعل المقيّد ب (لَمَّا) التوقيتية المفيدة أنّ ذلك كان في وقت مجيء أمر الله وهو حلول العذاب بهم.
ووجه زيادتهم إياهم تتبيبا حينئذ أنّ تصميمهم على الطمع في إنقاذهم إيّاهم من المصائب حالت دونهم ودون التوبة عند سماع الوعيد بالعذاب.
ويجوز أن يكون العطف لمجرّد المشاركة في الصفة دون قيدها ، أي زادوهم تتبيبا قبل مجيء أمر الله بأن زادهم اعتقادهم فيها انصرافا عن النظر في آيات الرّسل وزادهم تأميلهم الأصنام ، وقد كانت خرافات الأصنام ومناقبها الباطلة مغرية لهم بارتكاب الفواحش والضلال وانحطاط الأخلاق وفساد التّفكير جرأة على رسل الله حتى حقّ عليهم غضب الله المستوجب حلول عذابه بهم.
(وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢))
الإشارة إلى المذكورة من استئصال تلك القرى. وهو ما يدل عليه قوله : (أَخْذُ رَبِّكَ). والتقدير : وكذلك الأخذ الذي أخذنا به تلك القرى أخذ ربك إذا أخذ القرى. والتشبيه في الكيفيّة والعاقبة.
والمقصود من هذا التّذييل تعريض بتهديد مشركي العرب من أهل مكّة وغيرها.
والظلم : الشرك. وجملة (إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) في موضع البيان لمضمون وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ). وفيه إشارة إلى وجه الشّبه.
[١٠٣ ، ١٠٤] (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (١٠٣) وَما نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (١٠٤))