ومشهد قد كفيت الناطقين به |
|
في محفل من نواصي الخيل مشهود |
فيكون من نحو قوله تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) [النساء : ٤١ ، ٤٢] الآية.
وجملة (وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ) معترضة بين جملة (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ) وبين جملة (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ) [هود : ١٠٥] إلخ. والمقصود الردّ على المنكرين للبعث مستدلّين بتأخير وقوعه في حين تكذيبهم به يحسبون أنّ تكذيبهم به يغيظ الله تعالى فيعجّله لهم جهلا منهم بمقام الإلهيّة ، فبيّن الله لهم أن تأخيره إلى أجل حدّده الله له من يوم خلق العالم كما حدّد آجال الأحياء ، فيكون هذا كقوله تعالى : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ) [سبأ : ٢٩ ، ٣٠].
والأجل : أصله المدة المنظر إليها في أمر ، ويطلق أيضا على نهاية تلك المدّة ، وهو المراد هنا بقرينة اللّام ، كما أريد في قوله تعالى : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ)[الأعراف : ٣٤].
والمعدود : أصله المحسوب ، وأطلق هنا كناية عن المعيّن المضبوط بحيث لا يتأخر ولا يتقدم لأنّ المعدود يلزمه التعيّن ، أو كناية عن القرب.
[١٠٥ ـ ١٠٨] (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (١٠٥) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (١٠٦) خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (١٠٧) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨))
جملة (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ) تفصيل لمدلول جملة (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ) [هود : ١٠٣] الآية ، وبينت عظمة ذلك اليوم في الشرّ والخير تبعا لذلك التفصيل. فالقصد الأوّل من هذه الجملة هو قوله : (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ) وما بعده ، وأمّا ما قبله فتمهيد له أفصح عن عظمة ذلك اليوم. وقد جاء نظم الكلام على تقديم وتأخير اقتضاه وضع الاستطراد بتعظيم هول اليوم في موضع الكلام المتّصل لأنّه أسعد بتناسب أغراض الكلام ، والظروف صالحة لاتّصال الكلام كصلاحيّة الحروف العاطفة وأدوات الشرط.
و (يَوْمَ) من قوله : (يَوْمَ يَأْتِ) مستعمل في معنى (حين) أو (ساعة) ، وهو استعمال