وكان أصابه مرض. والضر تقدم في قوله : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ) في سورة الأنعام [١٧].
والدعاء : هنا الطلب والسؤال بتضرع.
واللام في قوله : (لِجَنْبِهِ) بمعنى (على) كقوله تعالى : (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ) [الإسراء : ١٠٩] وقوله : (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) [الصافات : ١٠٣]. ألا ترى أنه جاء في موضع اللام حرف (على) في قوله تعالى : (فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ) [النساء : ١٠٣] وقوله : (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ) [آل عمران : ١٩٠] ونحوه قول جابر بن جني التغلبي :
تناوله بالرمح ثم انثنى به |
|
فخرّ صريعا لليدين وللفم |
أي على اليدين وعلى الفم ، وهو متولد من معنى الاختصاص الذي هو أعم معاني اللام ، لأن الاختصاص بالشيء يقع بكيفيات كثيرة منها استعلاؤه عليه.
وإنما سلك هنا حرف الاختصاص للإشارة إلى أن الجنب مختص بالدعاء عند الضر ومتصل به فبالأولى غيره. وهذا الاستعمال منظور إليه في بيت جابر والآيتين الأخريين كما يظهر بالتأمل ، فهذا وجه الفرق بين الاستعمالين.
وموضع المجرور في موضع الحال ، ولذلك عطف (أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً) بالنصب. وإنما جعل الجنب مجرورا باللام ولم ينصب فيقال مثلا مضطجعا أو قاعدا أو قائما لتمثيل التمكن من حالة الراحة بذكر شق من جسده لأن ذلك أظهر في تمكنه ، كما كان ذكر الإعطاء في الآيتين الأخريين وبيت جابر أظهر في تمثيل الحالة بحيث جمع فيها بين ذكر الإعطاء وذكر الأفعال الدالة على أصل المعنى للدلالة على أنه يدعو الله في أندر الأحوال ملابسة للدعاء ، وهي حالة تطلب الراحة وملازمة السكون. ولذلك ابتدئ بذكر الجنب ، وأما زيادة قوله : (أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً) فلقصد تعميم الأحوال وتكميلها ، لأن المقام مقام الإطناب لزيادة تمثيل الأحوال ، أي دعانا في سائر الأحوال لا يلهيه عن دعائنا شيء.
والجنب : واحد الجنوب. وتقدم في قوله : (فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ) في سورة براءة [٣٥].
والقعود : الجلوس.
والقيام : الانتصاب. وتقدم في قوله : (وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا) في سورة البقرة [٢٠].