(يَوْمَ) من قوله : (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ) [هود : ١٠٥] إلخ.
ويجوز أن تكون عطفا على جملة (فَاخْتُلِفَ فِيهِ) ، أي فاختلف فيه أهله ، أي أهل الكتاب فضمير (وَإِنَّهُمْ) عائد إلى ما عاد إليه ضمير (بَيْنَهُمْ) على ثاني الوجهين ، أي اختلف أهل الكتاب في كتابهم وإنّهم لفي شكّ.
أمّا ضمير (مِنْهُ) فيجوز أن يعود إلى الكتاب ، أي أقدموا على ما أقدموا عليه على شكّ وتردّد في كتابهم ، أي دون علم يوجب اليقين مثل استقراء علمائنا للأدلّة الشرعيّة ، أو يوجب الظنّ القريب من اليقين ، كظن المجتهد فيما بلغ إليه اجتهاده ، لأن الاستدلال الصّحيح المستنبط من الكتاب لا يعدّ اختلافا في الكتاب إذ الأصل متّفق عليه. فمناط الذّم هو الاختلاف في متن الكتاب لا في التّفريع من أدلّته. ويجوز أن يكون ضمير (مِنْهُ) عائدا إلى القرآن المفهوم من المقام ومن قوله : (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ)[هود: ١٠٠].
والمريب : الموقع في الشكّ ، ووصف الشكّ بذلك تأكيد كقولهم : ليل أليل ، وشعر شاعر.
(وَإِنَّ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١١))
تذييل للأخبار السابقة. والواو اعتراضية. و (إن) مخفّفة من (إِنَ) الثّقيلة في قراءة نافع ، وابن كثير ، وأبي بكر عن عاص ، وأعملت في اسمها فانتصب بعدها. و (إن) المخففة إذا وقعت بعدها جملة اسمية يكثر إعمالها ويكثر إهمالها قاله الخليل وسيبويه ونحاة البصرة وهو الحق. وقرأ الباقون (إنّ) مشدّدة على الأصل.
وبتنوين (كُلًّا) عوض عن المضاف إليه. والتقدير : وإنّ كلّهم ، أي كلّ المذكورين آنفا من أهل القرى ، ومن المشركين المعرّض بهم ، ومن المختلفين في الكتاب من أتباع موسى ـ عليهالسلام ـ.
و (لما) مخفّفة في قراءة نافع ، وابن كثير ، وأبي عمرو ، والكسائي ، فاللّام الدّاخلة على (ما) لام الابتداء التي تدخل على خبر ـ (إِنَ). واللّام الثّانية الدّاخلة على لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) لام جواب القسم. و (ما) مزيدة للتأكيد. والفصل بين اللّامين دفعا لكراهة توالي مثلين.
وقرأ ابن عامر ، وحمزة ، وعاصم ، وأبو جعفر ، وخلف ـ بتشديد الميم ـ من (لمّا).