المثابة ، كما تقدّمت الإشارة إليه آنفا.
وتعريفه إشارة إلى حق معهود للنبي ؛ إمّا بأن كان يتطلّبه ، أو يسأل ربه.
والموعظة : اسم مصدر الوعظ ، وهو التّذكير بما يصدّ المرء عن عمل مضرّ.
والذكرى : مجرد التّذكير بما ينفع. فهذه موعظة للمسلمين ليحذروا ذلك وتذكيرا لهم بأحوال الأمم ليقيسوا عليها ويتبصّروا في أحوالها. وتنكير (مَوْعِظَةٌ وَذِكْرى) للتعظيم.
[١٢١ ، ١٢٢] (وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ (١٢١) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٢٢))
عطف على جملة (وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُ) [هود : ١٢٠] الآية ، لأنّها لما اشتملت على أنّ في هذه القصة ذكرى للمؤمنين أمر بأن يخاطب الذين لا يؤمنون بما فيها خطاب الآيس من انتفاعهم بالذكرى الذي لا يعبأ باعراضهم ولا يصدّه عن دعوته إلى الحقّ تألبهم على باطلهم ومقاومتهم الحق. فلا جرم كان قوله : (وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) عديلا لقوله : (وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) [هود : ١٢٠]. وهذا القول مأمور أن بقوله على لسانه ولسان المؤمنين.
وقوله : (اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ) هو نظير ما حكي عن شعيب ـ عليهالسلام ـ في هذه السورة آنفا.
وضمائر (إِنَّا عامِلُونَ) و (إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) للنبي والمؤمنين الذين معه.
وفي أمر الله رسوله بأن يقول ذلك على لسان المؤمنين شهادة من الله بصدق إيمانهم. وفيه التفويض إلى رأس الأمّة بأن يقطع أمرا عن أمته ثقة بأنّهم لا يردّون فعله. كما قال النبي صلىاللهعليهوسلم لهوازن لما جاءوا تائبين وطالبين ردّ سباياهم وغنائمهم «اختاروا أحد الأمرين السبي أو الأموال». فلمّا اختاروا السبي رجع السبي إلى أهله ولم يستشر المسلمين ، ولكنّه جعل لمن يطيب ذلك لهوازن أن يكون على حقه في أوّل ما يجيء من السبي ، فقال المؤمنين : طيّبنا ذلك.
وقوله : (وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) تهديد ووعيد ، كما يقال في الوعيد : سوف ترى.
(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ