والمؤمنون. وفيه تعريض بتذكير الكفار بحال حلول المصائب بهم لعلهم يتذكرون ، فيعدوا عدة الخوف من حلول النقمة التي أنذرهم بها في قوله (فَانْتَظِرُوا) [يونس : ٢٠] كما في الحديث : «تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة».
فالمراد ب (النَّاسَ) الناس المعهودون المتحدث عنهم بقرينة السياق على الوجهين المتقدمين في قوله تعالى : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ) [يونس : ١٢].
وقد قيل : إن الآية تشير إلى ما أصاب قريشا من القحط سبع سنين بدعاء النبيصلىاللهعليهوسلم ثم كشف الله عنهم القحط وأنزل عليهم المطر ، فلما حيوا طفقوا يطعنون في آيات الله ويعادون رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويكيدون له. والقحط الذي أصاب قريشا هو المذكور في سورة الدخان. وقد أنذروا فيها بالبطشة الكبرى. وقال ابن عباس : هي بطشة يوم بدر. فتكون هذه الآية قد نزلت بعد انقراض السبع السنين التي هي كسني يوسف وبعد أن حيوا ، فتكون قد نزلت بعد سنة عشر من البعثة أو سنة إحدى عشرة.
والإذاقة : مستعملة في مطلق الإدراك استعارة أو مجازا ، كما تقدم في قوله : لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ) في سورة العقود [٩٥].
والرحمة : هنا مطلقة على أثر الرحمة ، وهو النعمة والنفع ، كقوله : (وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ) [الشورى : ٢٨].
والضراء : الضر. والمس : مستعمل في الإصابة. والمعنى إذا نالت الناس نعمة بعد الضر ، كالمطر بعد القحط ، والأمن بعد الخوف ، والصحة بعد المرض.
و (إذا) في قوله : (إِذا لَهُمْ مَكْرٌ) للمفاجأة ، وهي رابطة لجواب (إذا) الشرطية لوقوعه جملة اسمية وهي لا تصلح للاتصال بإذا الشرطية التي تلازمها الأفعال إن وقعت ظرفا ثم إن وقعت شرطا فلا تصلح لأن تكون جوابا لها ، فلذلك أدخل على جملة الجواب حرف (إذا) الفجائية ، لأن حرف المفاجأة يدل على البدار والإسراع بمضمون الجملة ، فيفيد مفاد فاء التعقيب التي يؤتى بها الربط جواب الشرط بشرطه ، فإذا جاء حرف المفاجأة أغنى عنها.
والمكر : حقيقته إخفاء الإضرار وإبرازه في صورة المسألة ، وقد تقدم عند قوله تعالى : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) في سورة آل عمران [٥٤].
و (في) من قوله : (فِي آياتِنا) للظرفية المجازية المراد منها الملابسة ، أي مكرهم