بالمدينة. ولم ينسبه إلى معيّن. وأحسب أن هذه الأقوال ناشئة عن ظن أن ما في القرآن من مجادلة مع أهل الكتاب لم ينزل إلا بالمدينة ، فإن كان كذلك فظن هؤلاء مخطئ. وسيأتي التنبيه عليه.
وعدد آيها مائة وتسع آيات في عد أكثر الأمصار ، ومائة وعشر في عد أهل الشام.
وهي السورة الحادية والخمسون في ترتيب نزول السور. نزلت بعد سورة بني إسرائيل وقبل سورة هود. وأحسب أنها نزلت سنة إحدى عشرة بعد البعثة لما سيأتي عند قوله تعالى : (وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا) [يونس : ٢١].
أغراض السّورة
ابتدئت بمقصد إثبات رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم بدلالة عجز المشركين عن معارضة القرآن ، دلالة نبه عليها بأسلوب تعريضي دقيق بني على الكناية بتهجية الحروف المقطعة في أول السورة كما تقدم في مفتتح سورة البقرة ، ولذلك أتبعت تلك الحروف بقوله تعالى : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) [يونس : ١] إشارة إلى أن إعجازه لهم هو الدليل على أنه من عند الله. وقد جاء التصريح بما كني عنه هنا في قوله : (قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) [يونس : ٣٨].
وأتبع بإثبات رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم وإبطال إحالة المشركين أن يرسل الله رسولا بشرا.
وانتقل من ذلك إلى إثبات انفراد الله تعالى بالإلهية بدلالة أنه خالق العالم ومدبره ، فأفضى ذلك إلى إبطال أن يكون لله شركاء في إلهيته ، وإلى إبطال معاذير المشركين بأن أصنامهم شفعاء عند الله.
وأتبع ذلك بإثبات الحشر والجزاء. فذلك إبطال أصول الشرك.
وتخلل ذلك بذكر دلائل من المخلوقات ، وبيان حكمة الجزاء ، وصفة الجزاء ، وما في دلائل المخلوقات من حكم ومنافع للناس. ووعيد منكري البعث المعرضين عن آيات الله ، وبضد أولئك وعد الذين آمنوا.
فكان معظم هذه السورة يدور حول محور تقرير هذه الأصول.
فمن ذلك التنبيه على أن إمهال الله تعالى الكافرين دون تعجيل العذاب هو حكمة منه.