السلام. ويشرح هذه الآية قوله تعالى في سورة الأنعام [١٢٥ ـ ١٢٧] : (فَمَنْ يُرِدِ اللهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ* وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ* لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ).
والحسنى : في الأصل صفة أثنى الأحسن ، ثم عوملت معاملة الجنس فأدخلت عليها لام تعريف الجنس فبعدت عن الوصفية ولم تتبع موصوفها.
وتعريفها يفيد الاستغراق ، مثل البشرى ، ومثل الصالحة التي جمعها الصالحات. والمعنى : للذين أحسنوا جنس الأحوال الحسنى عندهم ، أي لهم ذلك في الآخرة. وبذلك تعين أن ما صدقها الذي أريد بها هو الجنة لأنها أحسن مثوبة يصير إليها الذين أحسنوا وبذلك صيرها القرآن علما بالغلبة على الجنة ونعيمها من حصول الملاذ العظيمة.
والزيادة يتعين أنها زيادة لهم ليست داخلة في نوع الحسنى بالمعنى الذي صار علما بالغلبة ، فلا ينبغي أن تفسير بنوع مما في الجنة لأنها تكون حينئذ مما يستغرقه لفظ الحسنى فتعين أنها أمر يرجع إلى رفعة الأقدار ، فقيل : هي رضى الله تعالى كما قال : (وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) [التوبة : ٧٢] ، وقيل : هي رؤيتهم الله تعالى. وقد ورد ذلك عن النبي صلىاللهعليهوسلم في «صحيح مسلم» و«جامع الترمذي» عن صهيب عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد : إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه ، قالوا : ألم تبيض وجوهنا وتنجنا من النار وتدخلنا الجنة ، قال : فيكشف الحجاب ، قال : فو الله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه. وهو أصرح ما ورد في تفسيرها.
والرهق : الغشيان. وفعله من باب فرح.
والقتر : لون هو غبرة إلى السواد. ويقال له قترة والذي تخلص لي من كلام الأئمة والاستعمال أن الفترة لون يغشى جلدة الوجه من شدة البؤس والشقاء والخوف. وهو من آثار تهيج الكبد من ارتجاف الفؤاد خوفا وتوقعا.
والذلة : الهوان. والمراد أثر الذلة الذي يبدو على وجه الذليل. والكلام مستعمل في صريحه وكنايته ، أي لا تتشوه وجوههم بالقتر وأثر الذلة ولا يحصل لهم ما يؤثر القتر وهيئة الذلة.