وجملة : (ما لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ) خبر ثان ، أو حال من (الَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ) أو معترضة. وهو تهديد وتأييس.
والعاصم : المانع والحافظ. ومعنى (مِنَ اللهِ) من انتقامه وجزائه. وهذا من تعليق الفعل باسم الذات ، والمراد بعض أحوال الذات مما يدل عليه السياق مثل (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) [المائدة : ٣].
وجملة (كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ) إلخ بيان لجملة : (تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ) بيان تمثيل ، أو حال من الضمير في قوله : (وَتَرْهَقُهُمْ).
و (أُغْشِيَتْ) معدّى غشي إذا أحاط وغطا ، فصار بالهمزة معدى إلى مفعولين من باب كسا. وتقدم في قوله تعالى : (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) في الأعراف [٥٤] ، وقوله : إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ) في الأنفال [١١].
والقطع ـ بفتح الطاء ـ في قراءة الجمهور : جمع قطعة ، وهي الجزء من الشيء ، سمي قطعة لأنه يقتطع من كل غالبا ، فهي فعلة بمعنى مفعولة نقلت إلى الاسمية. وقرأه ابن كثير والكسائي ويعقوب (قِطَعاً) بسكون الطاء. وهو اسم للجزء من زمن الليل المظلم ، قال تعالى : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) [هود : ٨١].
وقوله : (مُظْلِماً) حال من الليل. ووصف الليل وهو زمن الظلمة بكونه مظلما لإفادة تمكن الوصف منه كقولهم : ليل أليل ، وظل ظليل ، وشعر شاعر ، فالمراد من الليل الشديد الإظلام باحتجاب نجومه وتمكّن ظلمته. وشبهت قترة وجوههم بظلام الليل.
وجملة : (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) هي كجملة : (أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) [يونس : ٢٦].
[٢٨ ، ٢٩] (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ (٢٨) فَكَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ (٢٩))
هذه الجملة معطوفة على جملة (وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ) [يونس : ٢٧] باعتبار كونها معطوفة على جملة (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى) [يونس : ٢٦] فإنه لما ذكر في الجملتين السابقتين ما يختص به كل فريق من الفريقين من الجزاء وسماته جاءت هذه الجملة