والتعظيم ، وهو الله تعالى فلا يحتاج إلى التخصيص.
وقرأ الجمهور (دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) بإضافة (دَرَجاتٍ) إلى (مَنْ نَشاءُ). وقرأه حمزة ، وعاصم ، والكسائي ، وخلف بتنوين (دَرَجاتٍ) على أنه تمييز لتعلق فعل (نَرْفَعُ) بمفعوله وهو (مَنْ نَشاءُ).
(قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَاللهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ (٧٧))
لما بهتوا بوجود الصّواع في رحل أخيهم اعتراهم ما يعتري المبهوت فاعتذروا عن دعواهم تنزههم عن السرقة ، إذ قالوا : (وَما كُنَّا سارِقِينَ) [سورة يوسف : ٧٣] ، عذرا بأن أخاهم قد تسرّبت إليه خصلة السرقة من غير جانب أبيهم فزعموا أن أخاه الذي أشيع فقده كان سرق من قبل ، وقد علم فتيان يوسف ـ عليهالسلام ـ أن المتهم أخ من أمّ أخرى ، فهذا اعتذار بتعريض بجانب أمّ أخويهم وهي زوجة أبيهم وهي (راحيل) ابنة (لابان) خال يعقوب ـ عليهالسلام ـ.
وكان ليعقوب ـ عليهالسلام ـ أربع زوجات : (راحيل) هذه أم يوسف ـ عليهالسلام ـ وبنيامين ؛ و (ليئة) بنت لابان أخت راحيل وهي أم روبين ، وشمعون ، ولاوي ، ويهوذا ، ويساكر ، وزبولون ؛ و (بلهة) جارية راحيل وهي أم دانا ، ونفتالي ؛ و (زلفة) جارية راحيل أيضا وهي أم جاد ، وأشير.
وإنما قالوا : (فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) بهتانا ونفيا للمعرة عن أنفسهم. وليس ليوسف ـ عليهالسلام ـ سرقة من قبل ، ولم يكن إخوة يوسف ـ عليهالسلام – يومئذ أنبياء. وشتان بين السرقة وبين الكذب إذا لم تترتب عليه مضرة.
وكان هذا الكلام بمسمع من يوسف ـ عليهالسلام ـ في مجلس حكمه.
وقوله : (فَأَسَرَّها يُوسُفُ) يجوز أن يعود الضمير البارز إلى جملة (قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) على تأويل ذلك القول بمعنى المقالة على نحو قوله تعالى : (إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها) بعد قوله : (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ) [سورة المؤمنون : ٩٩]. ويكون معنى أسرها في نفسه أنه تحملها ولم يظهر غضبا منها ، وأعرض عن زجرهم وعقابهم مع أنها طعن فيه وكذب عليه. وإلى هذا التفسير ينحو أبو