وجملة (كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ) خبر عن ضمير الشأن المحذوف واللّام الدّاخلة على خبر (كُنْتَ) لام الفرق بين (إِنْ) المخففة و (إن) النافية.
وأدخلت اللّام في خبر كان لأنه جزء من الجملة الواقعة خبرا عن (إن).
والضمير في (قَبْلِهِ) عائد إلى القرآن. والمراد من قبل نزوله بقرينة السياق.
والغفلة : انتفاء العلم لعدم توجّه الذهن إلى المعلوم ، والمعنى المقصود من الغفلة ظاهر. ونكتة جعله من الغافلين دون أن يوصف وحده بالغفلة للإشارة إلى تفضيله بالقرآن على كل من لم ينتفع بالقرآن فدخل في هذا الفضل أصحابه والمسلمون على تفاوت مراتبهم في العلم.
ومفهوم (مِنْ قَبْلِهِ) مقصود منه التعريض بالمشركين المعرضين عن هدي القرآن. قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ، وأصاب منها طائفة أخرى إنّما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ. فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلّم. ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به» ، أي المشركين الذين مثلهم كمثل من لا يرفع رأسه لينظر.
(إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ (٤))
(إِذْ قالَ) بدل اشتمال أو بعض من (أَحْسَنَ الْقَصَصِ) [سورة يوسف : ٣] على أن يكون أحسن القصص بمعنى المفعول ، فإنّ أحسن القصص يشتمل على قصص كثير ، منه قصص زمان قول يوسف ـ عليهالسلام ـ لأبيه (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) وما عقب قوله ذلك من الحوادث. فإذا حمل (أَحْسَنَ الْقَصَصِ) [سورة يوسف : ٣] على المصدر فالأحسن أن يكون (إِذْ) منصوبا بفعل محذوف يدلّ عليه المقام ، والتّقدير : اذكر.
ويوسف اسم عبراني تقدم ذكر اسمه عند قوله تعالى : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ) إلخ في سورة الأنعام [٨٣]. وهو يوسف بن يعقوب بن إسحاق من زوجه (راحيل). وهو أحد الأسباط الذين تقدم ذكرهم في سورة البقرة. وكان يوسف أحب أبناء