ومن البعيد ما قيل : إن القميص كان قميص إبراهيم عليهالسلام مع أن قميص يوسف قد جاء به إخوته إلى أبيهم حين جاءوا عليه بدم كذب.
وأما إلقاء القميص على وجه أبيه فلقصد المفاجأة بالبشرى لأنه كان لا يبصر من بعيد فلا يتبين رفعة القميص إلا من قرب.
وأما كونه يصير بصيرا فحصل ليوسف عليهالسلام بالوحي فبشرهم به من ذلك الحين. ولعل يوسف عليهالسلام نبيء ساعتئذ.
وأدمج الأمر بالإتيان بأبيه في ضمن تبشيره بوجوده إدماجا بليغا إذ قال : (يَأْتِ بَصِيراً) ثم قال : (وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) لقصد صلة أرحام عشيرته. قال المفسرون : وكانت عشيرة يعقوب ـ عليهالسلام ـ ستا وسبعين نفسا بين رجال ونساء.
[٩٤ ـ ٩٨] (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ (٩٤) قالُوا تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (٩٥) فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٩٦) قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ (٩٧) قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٩٨))
(وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ (٩٤) قالُوا تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (٩٥) فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً) التقدير : فخرجوا وارتحلوا في عير.
ومعنى (فَصَلَتِ) ابتعدت عن المكان ، كما تقدم في قوله تعالى : (فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ) في سورة البقرة [٢٤٩].
والعير تقدم آنفا ، وهي العير التي أقبلوا فيها من فلسطين.
ووجدان يعقوب ريح يوسف عليهماالسلام إلهام خارق للعادة جعله الله بشارة له إذ ذكره بشمه الريح الذي ضمّخ به يوسف عليهالسلام حين خروجه مع إخوته وهذا من صنف الوحي بدون كلام ملك مرسل. وهو داخل في قوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً) [سورة الشورى : ٥١].
والريح : الرائحة ، وهي ما يعبق من طيب تدركه حاسة الشم.