والصالحون : المتصفون بالصلاح ، وهو التزام الطاعة. وأراد بهم الأنبياء. فإن كان يوسف ـ عليهالسلام ـ يومئذ نبيئا فدعاؤه لطلب الدوام على ذلك ، وإن كان نبّئ فيما بعد فهو دعاء لحصوله ، وقد صار نبيئا بعد ورسولا.
(ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (١٠٢))
تذييل للقصة عند انتهائها. والإشارة إلى ما ذكر من الحادث أي ذلك المذكور.
واسم الإشارة لتمييز الأنباء أكمل تمييز لتتمكن من عقول السامعين لما فيها من المواعظ.
و (الْغَيْبِ) ما غاب عن علم الناس ، وأصله مصدر غاب فسمي به الشيء الذي لا يشاهد. وتذكير ضمير (نُوحِيهِ) لأجل مراعاة اسم الإشارة.
وضمائر (لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ) عائدة إلى كل من صدر منه ذلك في هذه القصة من الرجال والنساء على طريقة التغليب ، يشمل إخوة يوسف ـ عليهالسلام ـ والسيارة ، وامرأة العزيز ، ونسوتها.
و (أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ) تفسيره مثل قوله : (وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي) غيابات الجب [يوسف : ١٥].
والمكر تقدم ، وهذه الجملة استخلاص لمواضع العبرة من القصة. وفيها منّة على النبيصلىاللهعليهوسلم ، وتعريض للمشركين بتنبيههم لإعجاز القرآن من الجانب العلمي ، فإن صدور ذلك من النّبي صلىاللهعليهوسلم الأميّ آية كبرى على أنه وحي من الله تعالى. ولذلك عقب بقوله : (وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ).
وكان في قوله : (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ) توركا على المشركين. وجملة (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ) في موضع الحال إذ هي تمام التعجيب.
وجملة (وَهُمْ يَمْكُرُونَ) حال من ضمير (أَجْمَعُوا) ، وأتي (يَمْكُرُونَ) بصيغة المضارع لاستحضار الحالة العجيبة.
[١٠٣ ، ١٠٤] (وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣) وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ