ملوك المدن الكبيرة فلا دلالة في الآية على نفي إرسال رسول من أهل البادية مثل خالد بن سنان العبسي ، ويعقوب ـ عليهالسلام ـ حين كان ساكنا في البدو كما تقدم.
وقرأ الجمهور ، يوحى ـ بتحتية وبفتح الحاء ـ مبنيا للنائب ، وقرأه حفص بنون على أنه مبني للفاعل والنون نون العظمة.
وتفريع قوله : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) على ما دلت عليه جملة (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً) من الأسوة ، أي فكذّبهم أقوامهم من قبل قومك مثل ما كذّبك قومك وكانت عاقبتهم العقاب. أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الأقوام السابقين ، أي فينظروا آثار آخر أحوالهم من الهلاك والعذاب فيعلم قومك أن عاقبتهم على قياس عاقبة الذين كذّبوا الرسل قبلهم ، فضمير (يَسِيرُوا) عائد على معلوم من المقام الدال عليه (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [سورة يوسف : ١٠٨].
والاستفهام إنكاري. فإن مجموع المتحدّث عنهم ساروا في الأرض فرأوا عاقبة المكذبين مثل عاد وثمود.
وهذا التفريع اعتراض بالوعيد والتهديد.
و (كَيْفَ) استفهام معلّق لفعل النظر عن مفعوله.
وجملة (وَلَدارُ الْآخِرَةِ) خبر. معطوفة على الاعتراض فلها حكمه ، وهو اعتراض بالتبشير وحسن العاقبة للرسل ـ عليهمالسلام ـ ومن آمن بهم وهم الذين اتقوا. وهو تعريض بسلامة عاقبة المتقين في الدنيا. وتعريض أيضا بأن دار الآخرة أشد أيضا على الذين من قبلهم من العاقبة التي كانت في الدنيا فحصل إيجاز بحذف جملتين.
وإضافة (لَدارُ) إلى (الْآخِرَةِ) من إضافة الموصوف إلى الصفة مثل «يا نساء المسلمات» في الحديث.
وقرأ نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وحفص عن عاصم ، وأبو جعفر ، ويعقوب : (أَفَلا تَعْقِلُونَ) بتاء الخطاب على الالتفات ، لأن المعاندين لما جرى ذكرهم وتكرر صاروا كالحاضرين فالتفت إليهم بالخطاب. وقرأه الباقون بياء الغيبة على نسق ما قبله.
و (حَتَّى) من قوله : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ) ابتدائية ، وهي عاطفة جملة (إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ) على جملة (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ) باعتبار أنها