والمنابت ، كما دل عليه قوله : (وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ).
وإنما وصفت بمتجاورات لأن اختلاف الألوان والمنابت مع التجاور أشد دلالة على القدرة العظيمة ، وهذا كقوله تعالى : (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ) [فاطر : ٢٧].
فمعنى (قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ) بقاع مختلفة مع كونها متجاورة متلاصقة.
والاقتصار على ذكر الأرض وقطعها يشير إلى اختلاف حاصل فيها عن غير صنع الناس وذلك اختلاف المراعي والكلأ. ومجرد ذكر القطع كاف في ذلك فأحالهم على المشاهدة المعروفة من اختلاف منابت قطع الأرض من الأبّ والكلإ وهي مراعي أنعامهم ودوابّهم ، ولذلك لم يقع التعرض هنا لاختلاف أكله إذ لا مذاق للآدمي فيه ولكنه يختلف شرعه بعض الحيوان على بعضه دون بعض.
وتقدم الكلام على (وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ) عند قوله تعالى : (وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ) [الأنعام : ٩٩].
والزرع تقدم في قوله : (وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ) [الأنعام : ١٤١].
والنخيل : اسم جمع نخلة مثل النخل ، وتقدم في تلك الآية ، وكلاهما في سورة الأنعام.
والزرع يكون في الجنات يزرع بين أشجارها.
وقرأ الجمهور (وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ) بالجر عطفا على (أَعْنابٍ) ، وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وحفص ، ويعقوب بالرفع عطفا على (جَنَّاتٌ). والمعنى واحد لأن الزرع الذي في الجنات مساو للذي في غيرها فاكتفي به قضاء لحق الإيجاز. وكذلك على قراءة الرفع هو يغني عن ذكر الزرع الذي في الجنات ، والنخل لا يكون إلّا في جنات.
وصنوان : جمع صنو بكسر الصاد في الأفصح فيهما وهي لغة الحجاز ، وبضمها فيهما أيضا وهي لغة تميم وقيس. والصنو : النخلة المجتمعة مع نخلة أخرى نابتتين في أصل واحد أو نخلات. الواحد صنو والمثنى صنوان بدون تنوين ، والجمع صنوان بالتنوين جمع تكسير. وهذه الزنة نادرة في صيغ أو الجموع في العربية لم يحفظ منها إلا خمسة جموع : صنو وصنوان ، وقنو وقنوان ، وزيد بمعنى مثل وزيدان ، وشقذ (بذال