(سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ (١٠))
موقع هذه الجملة استئناف بياني لأنّ مضمونها بمنزلة النّتيجة لعموم علم الله تعالى بالخفيات والظواهر. وعدل عن الغيبة المتبعة في الضمائر فيما تقدم إلى الخطاب هنا في قوله : (سَواءٌ مِنْكُمْ) لأنه تعليم يصلح للمؤمنين والكافرين.
وفيها تعريض بالتهديد للمشركين المتآمرين على النبي صلىاللهعليهوسلم.
و (سَواءٌ) اسم بمعنى مستو. وإنما يقع معناه بين شيئين فصاعدا. واستعمل سواء في الكلام ملازما حالة واحدة فيقال : هما سواء وهم سواء ، قال تعالى : (فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ). وموقع سواء هنا موقع المبتدأ. و (مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ) فاعل سدّ مسدّ الخبر ، ويجوز جعل (سَواءٌ) خبرا مقدّما و (مَنْ أَسَرَّ) مبتدأ مؤخّرا و (مِنْكُمْ) حال (مَنْ أَسَرَّ).
والاستخفاء : هنا الخفاء ، فالسين والتاء للمبالغة في الفعل مثل استجاب.
والسارب : اسم فاعل من سرب إذا ذهب في السّرب ـ بفتح السين وسكون الراء ـ وهو الطريق. وهذا من الأفعال المشتقة من الأسماء الجامدة. وذكر الاستخفاء مع الليل لكونه أشد خفاء ، وذكر السروب مع النهار لكونه أشد ظهورا. والمعنى : أن هذين الصنفين سواء لدى علم الله تعالى.
والواو التي عطفت أسماء الموصول على الموصول الأول للتقسيم فهي بمعنى أو.
(لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (١١))
(لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ)
جملة (لَهُ مُعَقِّباتٌ) إلى آخرها ، يجوز أن تكون متصلة ب (مِنْ) الموصولة من قوله : (مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) [الرعد : ١٠]. على أن الجملة خبر ثان عن (مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ) وما عطف عليه.
والضمير في (لَهُ) والضمير المنصوب في (يَحْفَظُونَهُ) ، وضميرا (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ