يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ) كما في شأن التذييل.
(لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٨))
استئناف بياني لجملة (كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ) ، أي فائدة هذه الأمثال أن للذين استجابوا لربهم حين يضربها لهم الحسنى إلى آخره.
فمناسبته لما تقدم من التمثيلين أنهما عائدان إلى أحوال المسلمين والمشركين. ففي ذكر هذه الجملة زيادة تنبيه للتمثيل وللغرض منه مع ما في ذلك من جزاء الفريقين لأن المؤمنين استجابوا لله بما عقلوا الأمثال فجوزوا بالحسنى ، وأما المشركون فأعرضوا ولم يعقلوا الأمثال ، قال تعالى : (وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) [سورة العنكبوت : ٤٣] ، فكان جزاؤهم عذابا عظيما وهو سوء الحساب الذي عاقبته المصير إلى جهنم. فمعنى (اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ) استجابوا لدعوته بما تضمنه المثل السابق وغيره.
وقوله : (الْحُسْنى) مبتدأ و (لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا) خبره. وفي العدول إلى الموصولين وصلتيهما في قوله : (لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا) ـ (وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا) إيماء إلى أن الصلتين سببان لما حصل للفريقين.
وتقديم المسند في قوله : (لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى) لأنه الأهم لأن الغرض التنويه بشأن الذين استجابوا مع جعل الحسنى في مرتبة المسند إليه ، وفي ذلك تنويه بها أيضا.
وأما الخبر عن وعيد الذين لم يستجيبوا فقد أجري على أصل نظم الكلام في التقديم والتأخير لقلة الاكتراث بهم. وتقدم نظير قوله : (لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) في سورة العقود [٣٦].
وأتي باسم الإشارة في (أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ) للتنبيه على أنهم أحرياء بما بعد اسم الإشارة من الخبر بسبب ما قبل اسم الإشارة من الصلة.
و (سُوءُ الْحِسابِ) ما يحف بالحساب من إغلاظ وإهانة للمحساب. وأما أصل الحساب فهو حسن لأنه عدل.