فضمير (هُوَ) عائد إلى (الرحمن) باعتبار المسمى بهذا الاسم ، أي المسمى هو ربي وأن الرحمن اسمه.
وقوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) إبطال لإشراكهم معه في الإلهية غيره. وهذا مما أمر الله نبيه أن يقوله ، فهو احتراس لرد قولهم : إن محمدا صلىاللهعليهوسلم يدعو إلى رب واحد وهو يقول : إن ربه الله وإن ربه الرحمن ، فكان قوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) دالا على أن المدعو بالرحمن هو المدعو بالله إذ لا إله إلا إله واحد ، فليس قوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) إخبارا من جانب الله على طريقة الاعتراض.
وجملة (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ) هي نتيجة لكونه ربا واحدا. ولكنها كالنتيجة لذلك فصلت عن التي قبلها لما بينهما من الاتصال.
وتقديم المجرورين وهما (عَلَيْهِ) و (إِلَيْهِ) لإفادة اختصاص التوكل والمتاب بالكون عليه ، أي لا على غيره ، لأنه لما توحد بالربوبية كان التوكل عليه ، ولما اتّصف بالرحمانية كان المتاب إليه ، لأن رحمانيته مظنة لقبوله توبة عبده.
والمتاب : مصدر ميمي على وزن مفعل ، أي التوبة ، يفيد المبالغة لأن الأصل في المصادر الميمية أنها أسماء زمان جعلت كناية عن المصدر ، ثم شاع استعمالها حتى صارت كالصريح.
ولما كان المتاب متضمنا معنى الرجوع إلى ما يأمر الله به عدّي المتاب بحرف إلى.
وأصل (مَتابِ) متابي ـ بإضافة إلى ياء المتكلم ـ فحذفت الياء تخفيفا وأبقيت الكسرة دليلا على المحذوف كما حذف في النادي المضاف إلى الياء.
(وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٣١))
(وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً).