فليس المراد بالقارعة الغزو والقتال لأنه لم يتعارف إطلاق اسم القارعة على موقعة القتال ، ولذلك لم يكن في الآية ما يدل على أنها مما نزل بالمدينة.
ومعنى (بِما صَنَعُوا) بسبب فعلهم وهو كفرهم وسوء معاملتهم نبيئهم. وأتي في ذلك بالموصول لأنه أشمل لأعمالهم.
وضمير (تَحُلُ) عائد إلى (قارِعَةٌ) فيكون ترديدا لحالهم بين إصابة القوارع إياهم وبين حلول القوارع قريبا من أرضهم فهم في رعب منها وفزع ويجوز أن يكون (تَحُلُ) خطابا للنبي صلىاللهعليهوسلم أي أو تحل أنت مع الجيش قريبا من دارهم. والحلول : النزول.
وتحلّ : بضم الحاء مضارع حلّ اللازم. وقد التزم فيه الضم. وهذا الفعل مما استدركه بحرق اليمني على ابن مالك في شرح لامية الأفعال ، وهو وجيه.
و (وَعْدُ اللهِ) من إطلاق المصدر على المفعول ، أي موعود الله ، وهو ما توعدهم به من العذاب ، كما في قوله : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ) [سورة آل عمران : ١٢] ، فأشارت الآية إلى استئصالهم لأنها ذكرت الغلب ودخول جهنم ، فكان المعنى أنه غلب القتل بسيوف المسلمين وهو البطشة الكبرى. ومن ذلك يوم بدر ويوم حنين ويوم الفتح.
وإتيان الوعد : مجاز في وقوعه وحلوله.
وجملة (إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) تذييل لجملة (حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ) إيذانا بأن إتيان الوعد المغيا به محقق وأن الغاية به غاية بأمر قريب الوقوع. والتأكيد مراعاة لإنكار المشركين.
(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (٣٢))
عطف على جملة (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ) [سورة الرعد : ٣١] إلخ ، لأن تلك المثل الثلاثة التي فرضت أريد بها أمور سألها المشركون النبي صلىاللهعليهوسلم استهزاء وتعجيزا لا لترقب حصولها.
وجاءت عقب الجملتين لما فيها من المناسبة لهما من جهة المثل التي في الأولى ومن جهة الغاية التي في الثانية.