وقد استهزأ قوم نوح به ـ عليهالسلام ـ (وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ) [سورة هود : ٣٨] ، واستهزأت عاد بهود ـ عليهالسلام ـ (فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [سورة الشعراء : ١٨٧] ، واستهزأت ثمود بصالح ـ عليهالسلام ـ (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي سَفاهَةٍ) [سورة الأعراف : ٦٦] ، واستهزءوا بشعيب ـ عليهالسلام ـ (قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) [سورة هود : ٨٧] ، واستهزأ فرعون بموسى ـ عليهالسلام ـ (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ) [سورة الزخرف : ٤٣].
والاستهزاء : مبالغة في الهزء مثل الاستسخار في السخرية.
والإملاء : الإمهال والترك مدة. ومنه (وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا). وتقدم في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ) في [سورة الأعراف : ١٨٢].
والاستفهام في «فكيف كان عقاب» للتعجيب.
و «عقاب» أصله عقابي مثل ما تقدم آنفا في قوله : (وَإِلَيْهِ مَتابِ).
والكلام تسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين ، ووعيد للمشركين.
(أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٣))
الفاء الواقعة بعد همزة الاستفهام مؤخرة من تقديم لأن همزة الاستفهام لها الصدارة. فتقدير أصل النظم : فأمن هو قائم. فالفاء لتفريع الاستفهام وليس الاستفهام استفهاما على التفريع ، وذلك هو الوجه في وقوع حروف العطف الثلاثة الواو والفاء وثم بعد الاستفهام وهو رأي المحققين ، خلافا لمن يجعلون الاستفهام واردا على حرف العطف وما عطفه.
فالفاء تفريع على جملة (قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) [الرعد : ٣٠] المجاب به حكاية كفرهم المضمن في جملة (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ) [الرعد : ٣٠] ،