الأعليان بقرينة المقام كقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «أنا ابن عبد المطّلب».
وجملة (إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) تذييل بتمجيد هذه النعم ، وأنها كائنة على وفق علمه وحكمته ، فعلمه هو علمه بالنفوس الصالحة لهذه الفضائل ، لأنّه خلقها لقبول ذلك فعلمه بها سابق ، وحكمته وضع النعم في مواضعها المناسبة.
وتصدير الجملة ب (إِنَ) للاهتمام لا للتّأكيد إذ لا يشك يوسف ـ عليهالسلام ـ في علم الله وحكمته. والاهتمام ذريعة إلى إفادة التعليل. والتفريع في ذلك تعريض بالثناء على يوسف ـ عليهالسلام ـ وتأهّله لمثل تلك الفضائل.
(لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ (٧))
جملة ابتدائية ، وهي مبدأ القصص المقصود ، إذ كان ما قبله كالمقدمة له المنبئة بنباهة شأن صاحب القصة ، فليس هو من الحوادث التي لحقت يوسف ـ عليهالسلام ـ ولهذا كان أسلوب هذه الجملة كأسلوب القصص ، وهو قوله : (إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا) [سورة يوسف : ٨] نظير قوله تعالى : (إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) [سورة ص : ٧٠ ، ٧١] إلى آخر القصة.
والظرفية المستفاد من (فِي) ظرفية مجازية بتشبيه مقارنة الدليل للمدلول بمقارنة المظروف للظرف ، أي لقد كان شأن يوسف ـ عليهالسلام ـ وإخوته مقارنا لدلائل عظيمة من العبر والمواعظ ، والتعريف بعظيم صنع الله تعالى وتقديره.
والآيات : الدلائل على ما تتطلب معرفته من الأمور الخفية.
والآيات حقيقة في آيات الطريق ، وهي علامات يجعلونها في المفاوز تكون بادية لا تغمرها الرمال لتكون مرشدة للسائرين ، ثم أطلقت على حجج الصدق ، وأدلة المعلومات الدقيقة. وجمع الآيات هنا مراعى فيه تعدّدها وتعدّد أنواعها ، ففي قصة يوسف ـ عليهالسلام ـ دلائل على ما للصّبر وحسن الطويّة من عواقب الخير والنصر ، أو على ما للحسد والإضرار بالنّاس من الخيبة والاندحار والهبوط.
وفيها من الدلائل على صدق النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، وأنّ القرآن وحي من الله ، إذ جاء في هذه السورة ما لا يعلمه إلّا أحبار أهل الكتاب دون قراءة ولا كتاب وذلك من المعجزات.