وجملة (وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) عطف على جملة (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) مؤكد لمضمونها ، وإنما سلك بهذا التأكيد ملك العطف لما فيه من المغايرة للمؤكد في الجملة بأنه يفيد أن هذا المشيء سهل عليه هين ، كقوله : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [سورة الروم : ٢٧].
والعزيز على أحد : المتعاصي عليه الممتنع بقوته وأنصاره.
(وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ (٢١))
عطف على جملة (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ) [إبراهيم : ٢٠] باعتبار جواب الشرط وهو الإذهاب ، وفي الكلام محذوف ، إذ التقدير : فأذهبهم وبرزوا لله جميعا ، أي يوم القيامة.
وكان مقتضى الظاهر أن يقول : ويبرزون لله ، فعدل عن المضارع إلى الماضي للتنبيه على تحقيق وقوعه حتى كأنه قد وقع ، مثل قوله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ) [سورة النحل : ١].
والبروز : الخروج من مكان حاجب من بيت أو قرية. والمعنى : حشروا من القبور.
و (جَمِيعاً) تأكيد ليشمل جميعهم من سادة ولفيف.
وقد جيء في هذه الآية بوصف حال الفرق يوم القيامة ، ومجادلة أهل الضلالة مع قادتهم ، ومجادلة الجميع للشيطان ، وكون المؤمنين في شغل عن ذلك بنزل الكرامة. والغرض من ذلك تنبيه الناس إلى تدارك شأنهم قبل الفوات. فالمقصود : التحذير مما يفضي إلى سوء المصير.
واللام الجارة لاسم الجلالة معدية فعل (بَرَزُوا) إلى المجرور. يقال : برز لفلان ، إذا ظهر له ، أي حضر بين يديه ، كما يقال : ظهر له.
والضعفاء : عوامّ الناس والأتباع. والذين استكبروا : السادة ، لأنهم يتكبرون على العموم وكان التكبر شعار السادة. والسين والتاء للمبالغة في الكبر. والتبع : اسم جمع التابع مثل الخدم والخول ، والفاء لتفريع الاستكبار على التبعية لأنها سبب يقتضي الشفاعة لهم.