وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، ورويس عن يعقوب ليضلو ـ بفتح الياء ـ والمعنى : ليستمر ضلالهم فإنهم حين جعلوا الأنداد كان ضلالهم حاصلا في زمن الحال. ومعنى لام التعليل أن تكون مستقبلة لأنها بتقدير أن المصدرية بعد لام التعليل.
ويعلم أنهم أضلوا الناس من قوله : (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ).
وسبيل الله : كل عمل يجري على ما يرضي الله. شبه العمل بالطريق الموصلة إلى المحلة ، وقد تقدم غير مرة.
وجملة (قُلْ تَمَتَّعُوا) مستأنفة استئنافا بيانيا لأن المخاطب ب (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا) إذا علم هذه الأحوال يتساءل عن الجزاء المناسب لجرمهم وكيف تركهم الله يرفلون في النعيم ، فأجيب بأنهم يصيرون إلى النار ، أي يموتون فيصيرون إلى العذاب.
وأمر بأن يبلغهم ذلك لأنهم كانوا يزدهون بأنهم في تنعم وسيادة ، وهذا كقوله : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ) في سورة آل عمران [١٩٦ ، ١٩٧].
(قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (٣١))
استئناف نشأ عن ذكر حال الفريق الذي حقت عليه الكلمة الخبيثة بذكر حال مقابله ، وهو الفريق الذي حقت عليه الكلمة الطيبة. فلما ابتدئ بالفريق الأول لقصد الموعظة والتخلي ثنّي بالفريق الثاني على طريقة الاعتراض بين أغراض الكلام كما سيأتي في الآية عقبها.
ونظيره قوله تعالى في سورة الإسراء : (وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً قُلْ كُونُوا حِجارَةً) ـ إلى أن قال ـ (وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [سورة الإسراء : ٥٠ ، ٥٢].
ولما كانوا متحلين بالكمال صيغ الحديث عنهم بعنوان الوصف بالإيمان ، وبصيغة الأمر بما هم فيه من صلاة وإنفاق لقصد الدوام على ذلك ، فحصلت بذلك مناسبة وقع هذه الآية بعد التي قبلها لمناسبة تضاد الحالين.
ولما كان المؤمنون يقيمون الصلاة من قبل وينفقون من قبل تعين أن المراد الاستزادة