بنفسه. وكان العرب يمرون على ديار ثمود في رحلتهم إلى الشام ويحطون الرحال هنا لك ، ويمرون على ديار عاد في رحلتهم إلى اليمن.
وتبيّن ما فعل الله بهم من العقاب حاصل من مشاهدة آثار العذاب من خسف وفناء استئصال.
وضرب الأمثال بأقوال المواعظ على ألسنة الرسل ـ عليهمالسلام ـ ، ووصف الأحوال الخفية.
وقد جمع لهم في إقامة الحجة بين دلائل الآثار والمشاهدة ودلائل الموعظة ..
(وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ (٤٦))
يجوز أن يكون عطف خبر على خبر ، ويجوز أن يكون حالا من (النَّاسَ) في قوله: (وَأَنْذِرِ النَّاسَ) ، أي أنذرهم في حال وقوع مكرهم.
والمكر : تبييت فعل السوء بالغير وإضماره. وتقدم في قوله تعالى : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) في سورة آل عمران [٥٤] ، وفي قوله : (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ) في سورة الأعراف [٩٩].
وانتصب (مَكْرَهُمْ) الأول على أنه مفعول مطلق لفعل (مَكَرُوا) لبيان النوع ، أي المكر الذي اشتهروا به ، فإضافة مكر إلى ضمير هم من إضافة المصدر إلى فاعله. وكذلك إضافة مكر الثاني إلى ضمير هم.
والعندية إما عندية علم ، أي وفي علم الله مكرهم ، فهو تعري بالوعيد والتهديد بالمؤاخذة بسوء فعلهم ، وإما عندية تكوين ما سمي بمكر الله وتقديره في إرادة الله فيكون وعيدا بالجزاء على مكرهم.
وقرأ الجمهور (لِتَزُولَ) ـ بكسر اللام وبنصب الفعل المضارع بعدها ـ فتكون (إن) نافية ولام (لِتَزُولَ) لام الجحود ، أي وما كان مكرهم زائلة منه الجبال ، وهو استخفاف بهم ، أي ليس مكرهم بمتجاوز مكر أمثالهم ، وما هو بالذي تزول منه الجبال. وفي هذا تعريض بأن الرسول صلىاللهعليهوسلم والمسلمين الذين يريد المشركون المكر بهم لا يزعزعهم مكرهم لأنهم كالجبال الرواسي.
وقرأ الكسائي وحده ـ بفتح اللام الأولى ـ من (لِتَزُولَ) ورفع اللام الثانية على أن