والمراد بالخسران : انتفاء النفع المرجوّ من الرّجال ، استعاروا له انتفاء نفع التاجر من تجره ، وهو خيبة مذمومة ، أي إنّا إذن لمسلوبون من صفات الفتوة من قوة ومقدرة ويقظة. فكونهم عصبة يحول دون تواطيهم على ما يوجب الخسران لجميعهم. وتقدم معنى العصبة آنفا ، وفي هذا عبرة من مقدار إظهار الصّلاح مع استبطان الضرّ والإهلاك.
وقرأ الجمهور بتحقيق همزة (الذِّئْبُ) على الأصل. وقرأه ورش عن نافع ، والسوسي عن أبي عمرو ، والكسائيّ بتخفيف الهمزة ياء. وفي بعض التفاسير نسب تخفيف الهمزة إلى خلف ، وأبي جعفر ، وذلك لا يعرف في كتب القراءات. وفي البيضاوي أنّ أبا عمرو أظهر الهمزة في التوقّف ، وأنّ حمزة أظهرها في الوصل.
(فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٥))
تفريع حكاية الذّهاب به والعزم على إلقائه في الجبّ على حكاية المحاورة بين يعقوب ـ عليهالسلام ـ وبنيه في محاولة الخروج بيوسف ـ عليهالسلام ـ إلى البادية يؤذن بجمل محذوفة فيها ذكر أنهم ألحوا على يعقوب ـ عليهالسلام ـ حتّى أقنعوه فأذن ليوسف ـ عليهالسلام ـ بالخروج معهم ، وهو إيجاز.
والمعنى : فلمّا أجابهم يعقوب ـ عليهالسلام ـ إلى ما طلبوا ذهبوا به وبلغوا المكان الذي فيه الجب.
وفعل (أجمع) يتعدّى إلى المفعول بنفسه. ومعناه : صمّم على الفعل ، فقوله : (أَنْ يَجْعَلُوهُ) هو مفعول (وَأَجْمَعُوا).
وجواب (لمّا) محذوف دلّ عليه (أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ) ، والتقدير : جعلوه في الجب. ومثله كثير في القرآن. وهو من الإيجاز الخاص بالقرآن فهو تقليل في اللّفظ لظهور المعنى.
وجملة (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ) معطوفة على جملة (وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ) ، لأنّ هذا الموحى من مهمّ عبر القصة.
وقيل : الواو مزيدة وجملة (أَوْحَيْنا) هو جواب (لمّا) ، وقد قيل بمثل ذلك في قوله امرئ القيس :