وجملة (وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) في موضع الحال فالواو واو الحال. (وَلَوْ) اتصالية ، وهي تفيد أنه مضمون ما بعدها هو أبعد الأحوال عن تحقق مضمون ما قبلها في ذلك الحال. والتقدير : وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين في نفس الأمر ، أي نحن نعلم انتفاء إيمانك لنا في الحالين فلا نطمع أن نموّه عليك.
وليس يلزم تقدير شرط محذوف هو ضد الشرط المنطوق به لأن ذلك تقدير لمجرد التنبيه على جعل الواو للحال مع (لو وإن) الوصليتين وليس يستقيم ذلك التقدير في كل موضع ، ألا ترى قول المعري :
وإني وإن كنت الأخير زمانه |
|
لآت بما لم تستطعه الأوائل |
كيف لا يستقيم تقدير إني إن كنت المتقدم زمانه بل وإن كنت الأخير زمانه. فشرط (لو) الوصلية و (إن) الوصلية ليس لهما مفهوم مخالفة ، لأن الشرط معهما ليس للتقييد. وتقدم ذكر (لو) الوصلية عند قوله تعالى : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) في سورة البقرة [١٧٠] ، وعند قوله تعالى : (فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً) في سورة آل عمران [٩١].
وجملة (وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ) في موضع الحال. ولما كان الدم ملطخا به القميص وكانوا قد جاءوا مصاحبين للقميص فقد جاءوا بالدم على القميص.
ووصف الدم بالكذب وصف بالمصدر ، والمصدر هنا بمعنى المفعول كالخلق بمعنى المخلوق ، أي مكذوب كونه دم يوسف ـ عليهالسلام ـ إذ هو دم جدي ، فهو دم حقا لكنه ليس الدم المزعوم. ولا شك في أنهم لم يتركوا كيفية من كيفيات تمويه الدم وحالة القميص بحال قميص من يأكله الذئب من آثار تخريق وتمزيق مما لا تخلو عنه حالة افتراس الذئب ، وأنهم أفطن من أن يفوتهم ذلك وهم عصبة لا يعزب عن مجموعهم مثل ذلك. فما قاله بعض أصحاب التفسير من أن يعقوب ـ عليهالسلام ـ قال لأبنائه : ما رأيت كاليوم ذئبا أحلم من هذا ، أكل ابني ولم يمزق قميصه ، فذلك من تظرفات القصص.
وقوله : (عَلى قَمِيصِهِ) حال من (دم) فقدم على صاحب الحال.
(قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ).
حرف الإضراب إبطال لدعواهم أن الذئب أكله فقد صرح لهم بكذبهم.