السّلام ـ ، أي خبر التقاطه خشية أن يكون من ولدان بعض الأحياء القريبة من الماء قد تردّى في الجب ، فإذا علم أهله بخبره طلبوه وانتزعوه منهم لأنهم توسموا منه مخائل أبناء البيوت ، وكان الشأن أن يعرّفوا من كان قريبا من ذلك الجب ويعلنوا كما هو الشأن في التعريف باللّقطة ، ولذلك كان قوله : (وَأَسَرُّوهُ) مشعرا بأن يوسف ـ عليهالسلام ـ أخبرهم بقصته ، فأعرضوا عن ذلك طمعا في أن يبيعوه. وذلك من فقدان الدين بينهم أو لعدم العمل بالدين.
و (بِضاعَةً) منصوب على الحال المقدّرة من الضمير المنصوب في (أَسَرُّوهُ) ، أي جعلوه بضاعة. والبضاعة : عروض التجارة ومتاعها ، أي عزموا على بيعه.
وجملة (وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ) معترضة ، أي والله عليم بما يعملون من استرقاق من ليس لهم حقّ في استرقاقه ، ومن كان حقّه أن يسألوا عن قومه ويبلغوه إليهم ، لأنهم قد علموا خبره ، أو كان من حقهم أن يسألوه لأنه كان مستطيعا أن يخبرهم بخبره.
وفي عثور السيارة على الجب الذي فيه يوسف ـ عليهالسلام ـ آية من لطف الله به.
(وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠))
معنى (شَرَوْهُ) باعوه. يقال : شرى كما يقال : باع ، ويقال : اشترى كما يقال : ابتاع. ومثلهما رهن وارتهن ، وعاوض واعتاض ، وكرى واكترى.
والأصل في ذلك وأمثاله أن الفعل للحدث والافتعال لمطاوعة الحدث.
ومن فسر (شَرَوْهُ) باشتروه أخطأ خطأ أوقعه فيه سوء تأويل قوله : (وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ). وما ادّعاه بعض أهل اللغة أن شرى واشترى مترادفان في معنييهما يغلب على ظني أنه وهم إذ لا دليل يدل عليه.
والبخس : أصله مصدر بخسه إذا نقصه عن قيمة شيئه. وهو هنا بمعنى المبخوس كالخلق بمعنى المخلوق. وتقدم فعل البخس عند قوله تعالى : (وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً) في سورة البقرة [٢٨٢].
و (دَراهِمَ) بدل من (بِثَمَنٍ) وهي جمع درهم ، وهو المسكوك. وهو معرّب عن الفارسية كما في «صحاح الجوهري».
وقد أغفله الذين جمعوا ما هو معرب في القرآن كالسيوطي في «الإتقان».