قبائل من الكنعانيين عرفوا عند القبط باسم (الهيكسوس) أي الرعاة. وكانت مصر العليا المعروفة اليوم بالصعيد تحت حكم فراعنة القبط. وكانت مدينتها (ثيبة ـ أو ـ طيبة) ، وهي اليوم خراب وموضعها يسمّى الأقصر ، جمع قصر ، لأن بها أطلال القصور القديمة ، أي الهياكل. وكانت حكومة مصر العليا أيامئذ مستضعفة لغلبة الكنعانيين على معظم القطر وأجوده.
وامرأته تسمّى في كتب العرب (زليخا) ـ بفتح الزاي وكسر اللام وقصر آخره ـ وسماها اليهود (راعيل). و (مِنْ مِصْرَ) صفة ل (الَّذِي اشْتَراهُ).
و (لِامْرَأَتِهِ) متعلق ب (قالَ) أو ب (اشْتَراهُ) أو يتنازعه كلا الفعلين ، فيكون اشتراه ليهبه لها لتتخذه ولدا. وهذا يقتضي أنهما لم يكن لهما ولد.
وامرأته : معناه زوجه ، فإن الزوجة يطلق عليها اسم المرأة ويراد منه معنى الزوجة. وقد تقدم عند قوله تعالى : (وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ) [سورة هود : ٧١].
والمثوى : حقيقته المحل الذي يثوي إليه المرء ، أي يرجع إليه. وتقدم عند قوله تعالى : (قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ) في سورة الأنعام [١٢٨]. وهو هنا كناية عن حال الإقامة عندهما لأن المرء يثوى إلى منزل إقامته.
فالمعنى : اجعلي إقامته عندك كريمة ، أي كاملة في نوعها. أراد أن يجعل الإحسان إليه سببا في اجتلاب محبته إياهما ونصحه لهما فينفعهما ، أو يتخذانه ولدا فيبرّ بهما وذلك أشد تقريبا. ولعله كان آيسا من ولادة زوجه. وإنما قال ذلك لحسن تفرّسه في ملامح يوسف ـ عليهالسلام ـ المؤذنة بالكمال ، وكيف لا يكون رجلا ذا فراسة وقد جعله الملك رئيس شرطته ، فقد كان الملوك أهل حذر فلا يولون أمورهم غير الأكفاء.
(وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) إن أجرينا اسم الإشارة على قياس كثير من أمثاله في القرآن كقوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) في سورة البقرة [١٤٣] كانت الإشارة إلى التمكين المستفاد من (مَكَّنَّا لِيُوسُفَ) تنويها بأن ذلك التمكين بلغ غاية ما يطلب من نوعه بحيث لو أريد تشبيهه بتمكين أتم منه لما كان إلا أن يشبّه بنفسه على نحو قول النابغة :
والسفاهة كاسمها