والسجن ـ بفتح السين ـ : قياس مصدر سجنه ، بمعنى الحبس في مكان محيط لا يخرج منه. ولم أره في كلامهم ـ بفتح السين ـ إلا في قراءة يعقوب هذه الآية. والسجن ـ بكسر السين ـ : اسم للبيت الذي يسجن فيه ، كأنهم سموه بصيغة المفعول كالذبح وأرادوا المسجون فيه. وقد تقدم قولها آنفا : (إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ) [سورة يوسف : ٢٥].
والصاغر : الذليل. وتركيب (مِنَ الصَّاغِرِينَ) أقوى في معنى الوصف بالصّغار من أن يقال : وليكونن صاغرا ، كما تقدم عند قوله تعالى : (قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) في سورة البقرة [٦٧] ، وقوله : (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) في آخر سورة براءة [١١٩].
وإعداد المتّكأ لهن ، وبوحها بسرّها لهن يدل على أنهن كن من خلائلها.
[٣٣ ، ٣٤] (قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ (٣٣) فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٤))
استئناف بياني ، لأن ما حكي قبله مقام شدة من شأنه أن يسأل سامعه عن حال تلقي يوسف ـ عليهالسلام ـ فيه لكلام امرأة العزيز.
وهذا الكلام مناجاة لربه الذي هو شاهدهم ، فالظاهر أنه قال هذا القول في نفسه. ويحتمل أنّه جهر به في ملئهن تأييسا لهن من أن يفعل ما تأمره به.
وقرأ الجمهور «السّجن» ـ بكسر السين ـ. وقرأه يعقوب وحده ـ بفتح السين ـ على معنى المصدر ، أي أن السجن أحب إليّ. وفضّل السجن مع ما فيه من الألم والشدة وضيق النفس على ما يدعونه إليه من الاستمتاع بالمرأة الحسنة النفيسة على ما فيه منا للذة ولكن كرهه لفعل الحرام فضل عنده مقاساة السجن. فلما علم أنه لا محيص من أحد الأمرين صار السجن محبوبا إليه باعتبار أنّه يخلصه من الوقوع في الحرام فهي محبة ناشئة عن ملاءمة الفكر ، كمحبة الشجاع الحرب.
فالإخبار بأن السجن أحبّ إليه من الاستمتاع بالمرأة مستعمل في إنشاء الرضى بالسجن في مرضاة الله تعالى والتباعد عن محارمه ، إذ لا فائدة في إخبار من يعلم ما في