لكيد خلائلها في أضيق الأوقات.
وجملة (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) في موضع العلة ل (فَاسْتَجابَ) المعطوف بفاء التعقيب ، أي أجاب دعاءه بدون مهلة لأنه سريع الإجابة وعليم بالضمائر الخالصة. فالسمع مستعمل في إجابة المطلوب ، يقال : سمع الله لمن حمده. وتأكيده بضمير الفصل لتحقيق ذلك المعنى.
(ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (٣٥))
(ثُمَ) هنا للترتيب الرتبي ، كما هو شأنها في عطف الجمل فإن ما بدا لهم أعجب بعد ما تحققت براءته. وإنما بدا لهم أن يسجنوا يوسف ـ عليهالسلام ـ حين شاعت القالة عن امرأة العزيز في شأنه فكان ذلك عقب انصراف النسوة لأنها خشيت إن هنّ انصرفن أن تشيع القالة في شأنها وشأن براءة يوسف ـ عليهالسلام ـ فرامت أن تغطي ذلك بسجن يوسف ـ عليهالسلام ـ حتى يظهر في صورة المجرمين بإرادته السوء بامرأة العزيز ، وهي ترمي بذلك إلى تطويعه لها. ولعلها أرادت أن توهم الناس بأن مراودته إيّاها وقعت يوم ذلك المجمع ، وأن توهم أنّهن شواهد على يوسف ـ عليهالسلام ـ.
والضمير في (لَهُمْ) لجماعة العزيز من مشير وآمر.
وجملة (لَيَسْجُنُنَّهُ) جواب قسم محذوف ، وهي معلّقة فعل (بَدا) عن العمل فيما بعده لأجل لام القسم لأن ما بعد لام القسم كلام مستأنف. وفيه دليل للمعمول المحذوف إذ التحقيق أن التعليق لا يختص بأفعال الظن ، وهو مذهب يونس بن حبيب ، لأن سبب التعليق وجود أداة لها صدر الكلام. وفي هذه الآية دليله.
والتقدير : بدا لهم ما يدل عليه هذا القسم ، أي بدا لهم تأكيد أن يسجنوه.
وذكر في «المغني» في آخر الجمل التي لها محل من الإعراب : وقوع الخلاف في الفاعل ونائب الفاعل ، هل يكون جملة؟ فأجازه هشام وثعلب مطلقا ، وأجازه الفراء وجماعة إذا كان الفعل قلبيا ووجد معلّق ، وحملوا الآية عليه ، ونسب إلى سيبويه. وهو يؤول إلى معنى التعليق ، والتعليق أنسب بالمعنى.
والحين : زمن غير محدود ، فإن كان (حَتَّى حِينٍ) من كلامهم كان المعنى : أنهم أمروا بسجنه سجنا غير مؤجل المدة. وإن كان من الحكاية كان القرآن قد أبهم المدة التي