السّلام ـ ، لأن الكلام الموجه في المعاني الموجهة ألطف من الصريح.
والبضع : من الثلاث إلى التسع.
وفيما حكاه القرآن عن حال سجنهم ما ينبئ على أن السجن لم يكن مضبوطا بسجل يذكر فيه أسماء المساجين ، وأسباب سجنهم ، والمدة المسجون إليها ، ولا كان من وزعة السجون ولا ممن فوقهم من يتعهّد أسباب السجن ويفتقد أمر المساجين ويرفع إلى الملك في يوم من الأسبوع أو من العام. وهذا من الإهمال والتهاون بحقوق الناس وقد أبطله الإسلام ، فإن من الشريعة أن ينظر القاضي أول ما ينظر فيه كلّ يوم أمر المساجين.
[٤٣ ـ ٤٥] (وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ (٤٣) قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ (٤٤) وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (٤٥))
هذا عطف جزء من قصة على جزء منها تكملة لوصف خلاص يوسف ـ عليهالسلام ـ من السجن.
والتعريف في (الْمَلِكُ) للعهد ، أي ملك مصر. وسماه القرآن هنا ملكا ولم يسمه فرعون لأن هذا الملك لم يكن من الفراعنة ملوك مصر القبط ، وإنما كان ملكا لمصر أيام حكمها (الهكسوس) ، وهم العمالقة ، وهم من الكنعانيين ، أو من العرب ، ويعبر عنهم مؤرخو الإغريق بملوك الرعاة ، أي البدو. وقد ملكوا بمصر من عام ١٩٠٠ إلى عام ١٥٢٥ قبل ميلاد المسيح ـ عليهالسلام ـ. وكان عصرهم فيما بين مدة العائلة الثالثة عشرة والعائلة الثامنة عشرة من ملوك القبط ، إذ كانت عائلات ملوك القبط قد بقي لها حكم في مصر العليا في مدينة (طيبة) كما تقدم عند قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ) [سورة يوسف : ٢١]. وكان ملكهم في تلك المدة ضعيفا لأن السيادة كانت لملوك مصر السفلى. ويقدّر المؤرخون أن ملك مصر السفلى في زمن يوسف ـ عليهالسلام ـ كان في مدة العائلة السابعة عشرة.
فالتعبير عنه بالملك في القرآن دون التعبير بفرعون مع أنه عبّر عن ملك مصر في زمن موسى ـ عليهالسلام ـ بلقب فرعون هو من دقائق إعجاز القرآن العلمي. وقد وقع في التوراة إذ عبر فيها عن ملك مصر في زمن يوسف ـ عليهالسلام ـ فرعون وما هو بفرعون