الملك لطفا من الله بالأمة التي آوت يوسف ـ عليهالسلام ـ ، ووحيا أوحاه الله إلى يوسف ـ عليهالسلام ـ بواسطة رؤيا الملك ، كما أوحى إلى سليمان ـ عليهالسلام ـ بواسطة الطير. ولعل الملك قد استعد للصلاح والإيمان.
وكان ما أشار به يوسف ـ عليهالسلام ـ على الملك من الادخار تمهيدا لشرع ادخار الأقوات للتموين ، كما كان الوفاء في الكيل والميزان ابتداء دعوة شعيب ـ عليهالسلام ـ ، وأشار إلى إبقاء ما فضل عن أقواتهم في سنبله ليكون أسلم له من إصابة السوس الذي يصيب الحب إذا تراكم بعضه على بعض فإذا كان في سنبله دفع عنه السوس ، وأشار عليهم بتقليل ما يأكلون في سنوات الخصب لادخار ما فضل عن ذلك لزمن الشدة ، فقال : (إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ).
والشداد : وصف لسني الجدب ، لأن الجدب حاصل فيها ، فوصفها بالشدة على طريقة المجاز العقلي.
وأطلق الأكل في قوله : (يَأْكُلْنَ) على الإفناء ، كالذي في قوله : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) [سورة النساء : ٢]. وإسناده بهذا الإطلاق إلى السنين إسناد مجاز عقلي ، لأنهن زمن وقوع الفناء.
والإحصان : الإحراز والادخار ، أي الوضع في الحصن وهو المطمور. والمعنى : أن تلك السنين المجدبة يفنى فيها ما ادخر لها إلا قليلا منه يبقى في الإهراء. وهذا تحريض على استكثار الادخار.
وأما قوله : (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ) فهو بشارة وإدخال المسرة والأمل بعد الكلام المؤيس ، وهو من لازم انتهاء مدة الشدة ، ومن سنن الله تعالى في حصول اليسر بعد العسر.
و (يُغاثُ) معناه يعطون الغيث ، وهو المطر. والعصر : عصر الأعناب خمورا. وتقدم آنفا في قوله : (أَعْصِرُ خَمْراً) [سورة يوسف : ٣٦].
(وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (٥٠))
قال الملك : ائتوني به لما أبلغه الساقي صورة التعبير. والخطاب للملإ ليرسلوا من