يوسف ـ عليهالسلام ـ بمصر. فقصّة يوسف ـ عليهالسلام ـ لم تكن معروفة للعرب قبل نزول القرآن إجمالا ولا تفصيلا ، بخلاف قصص الأنبياء : هود ، وصالح ، وإبراهيم ، ولوط ، وشعيب ـ عليهمالسلام أجمعين ـ ، إذ كانت معروفة لديهم إجمالا ، فلذلك كان القرآن مبيّنا إيّاها ومفصّلا.
ونزولها قبل اختلاط النبي صلىاللهعليهوسلم باليهود في المدينة معجزة عظيمة من إعلام الله تعالى إيّاه بعلوم الأوّلين ، وبذلك ساوى الصحابة علماء بني إسرائيل في علم تاريخ الأديان والأنبياء وذلك من أهم ما يعلمه المشرعون.
فالمبين : اسم فاعل من أبان المتعدي. والمراد : الإبانة التامّة باللفظ والمعنى.
(إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢))
استئناف يفيد تعليل الإبانة من جهتي لفظه ومعناه ، فإنّ كونه قرآنا يدل على إبانة المعاني ، لأنّه ما جعل مقروءا إلّا لما في تراكيبه من المعاني المفيدة للقارئ.
وكونه عربيا يفيد إبانة ألفاظه المعاني المقصودة للّذين خوطبوا به ابتداء ، وهم العرب ، إذ لم يكونوا يتبيّنون شيئا من الأمم التي حولهم لأنّ كتبهم كانت باللغات غير العربية.
والتّأكيد ب (إنّ) متوجّه إلى خبرها وهو فعل (أَنْزَلْناهُ) ردّا على الذين أنكروا أن يكون منزلا من عند الله.
وضمير (أَنْزَلْناهُ) عائد إلى (الْكِتابِ) في قوله : (الْكِتابِ الْمُبِينِ) [سورة يوسف : ١].
و (قُرْآناً) حال من الهاء في (أَنْزَلْناهُ) ، أي كتابا يقرأ ، أي منظما على أسلوب معدّ لأن يقرأ لا كأسلوب الرسائل والخطب أو الأشعار ، بل هو أسلوب كتاب نافع نفعا مستمرا يقرؤه الناس.
و (عَرَبِيًّا) صفة ل (قُرْآناً). فهو كتاب بالعربيّة ليس كالكتب السّالفة فإنّه لم يسبقه كتاب بلغة العرب.
وقد أفصح عن التعليل المقصود جملة (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ، أي رجاء حصول العلم لكم من لفظه ومعناه ، لأنّكم عرب فنزوله بلغتكم مشتملا على ما فيه نفعكم هو سبب