فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) الآية [سورة يوسف : ٥٠].
وقوله : (قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ) ـ إلى قوله ـ (وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ) [سورة يوسف : ٥١ ـ ٥٢] اعتراض في خلال كلام يوسف ـ عليهالسلام ـ. وبذلك فسّرها مجاهد وقتادة وأبو صالح وابن جريج والحسن والضحّاك والسدّي وابن جبير ، واقتصر عليه الطبري. قال في «الكشاف» : (وكفى بالمعنى دليلا قائدا إلى أن يجعل من كلام يوسف ـ عليهالسلام ـ ، ونحوه قوله : (قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ) ـ ثم قال ـ (فَما ذا تَأْمُرُونَ) [سورة الأعراف : ١٠٩ ـ ١١٠] وهو من كلام فرعون يخاطبهم ويستشيرهم) اه. يريد أن معنى هذه الجملة أليق بأن يكون من كلام يوسف ـ عليهالسلام ـ لأن من شأنه أن يصدر عن قلب مليء بالمعرفة.
وعلى هذا الوجه يكون ضمير الغيبة في قوله : (لَمْ أَخُنْهُ) [سورة يوسف : ٥٢] عائدا إلى معلوم من مقام القضية وهو العزيز ، أي لم أخن سيدي في حرمته حال مغيبه.
ويكون معنى (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي) إلخ .. مثل ما تقدم قصد به التواضع ، أي لست أقول هذا ادعاء بأن نفسي بريئة من ارتكاب الذنوب إلا مدة رحمة الله النفس بتوفيقها لأكف عن السوء ، أي أني لم أفعل ما اتهمت به وأنا لست بمعصوم.
[٥٤ ، ٥٥] (وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ (٥٤) قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (٥٥))
السين والتاء في (أَسْتَخْلِصْهُ) للمبالغة ، مثلها في استجاب واستأجر. والمعنى أجعله خالصا لنفسي ، أي خاصّا بي لا يشاركني فيه أحد. وهذا كناية عن شدة اتصاله به والعمل معه. وقد دلّ الملك على استحقاق يوسف ـ عليهالسلام ـ تقريبه منه ما ظهر من حكمته وعلمه ، وصبره على تحمّل المشاق ، وحسن خلقه ، ونزاهته ، فكل ذلك أوجب اصطفاءه.
وجملة (فَلَمَّا كَلَّمَهُ) مفرّعة على جملة محذوفة دل عليها (وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ). والتقدير : فأتوه به ، أي بيوسف ـ عليهالسلام ـ فحضر لديه وكلّمه (فَلَمَّا كَلَّمَهُ).
والضمير المنصوب في (كَلَّمَهُ) عائد إلى الملك ، فالمكلّم هو يوسف ـ عليهالسلام ـ. والمقصود من جملة (فَلَمَّا كَلَّمَهُ) إفادة أن يوسف ـ عليهالسلام ـ كلم