(وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَنَمِيرُ أَهْلَنا وَنَحْفَظُ أَخانا وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ (٦٥))
أصل المتاع ما يتمتع به من العروض والثياب. وتقدم عند قوله تعالى : (لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ) في سورة النساء [١٠٢]. وأطلق هنا على إعدال المتاع وإحماله من تسمية الشيء باسم الحالّ فيه.
وجملة (قالُوا يا أَبانا) مستأنفة استئنافا بيانيا لترقب السامع أن يعلم ما ذا صدر منهم حين فجأهم وجدان بضاعتهم في ضمن متاعهم لأنه مفاجأة غريبة ، ولهذه النكتة لم يعطف بالفاء.
و (ما) في قوله : (ما نَبْغِي) يجوز أن يكون للاستفهام الإنكاري بتنزيل المخاطب منزلة من يتطلب منهم تحصيل بغية فينكرون أن تكون لهم بغية أخرى ، أي ما ذا نطلب بعد هذا. ويجوز كون (ما) نافية ، والمعنى واحد لأن الاستفهام الإنكاري في معنى النفي.
وجملة (هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا) مبينة لجملة (ما نَبْغِي) على الاحتمالين. وإنما علموا أنها ردّت إليهم بقرينة وضعها في العدل بعد وضع الطعام وهم قد كانوا دفعوها إلى الكيالين ، أو بقرينة ما شاهدوا في يوسف ـ عليهالسلام ـ من العطف عليهم ، والوعد بالخير إن هم أتوا بأخيهم إذ قال لهم (أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) [سورة يوسف : ٥٩].
وجملة (وَنَمِيرُ أَهْلَنا) معطوفة على جملة (هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا) ، لأنها في قوة هذا ثمن ما نحتاجه من الميرة صار إلينا ونمير به أهلنا ، أي نأتيهم بالميرة.
والميرة ـ بكسر الميم بعدها ياء ساكنة ـ : هي الطعام المجلوب.
وجملة (وَنَحْفَظُ أَخانا) معطوفة على جملة (وَنَمِيرُ أَهْلَنا) ، لأن المير يقتضي ارتحالا للجلب ، وكانوا سألوا أباهم أن يكون أخوهم رفيقا لهم في الارتحال المذكور ، فكانت المناسب بين جملة (وَنَمِيرُ أَهْلَنا) وجملة (وَنَحْفَظُ أَخانا) بهذا الاعتبار ، فذكروا ذلك تطمينا لخاطر فيهم.
وجملة (وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ) زيادة في إظهار حرصهم على سلامة أخيهم لأن في