سلامته فائدة لهم بازدياد كيل بعير ، لأن يوسف ـ عليهالسلام ـ لا يعطي الممتار أكثر من حمل بعير من الطعام ، فإذا كان أخوهم معهم أعطاه حمل بعير في عداد الإخوة. وبه تظهر المناسبة بين هذه الجملة والتي قبلها.
وهذه الجمل مرتبة ترتيبا بديعا لأن بعضها متولد عن بعض.
والإشارة في (ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) إلى الطعام الذي في متاعهم. وإطلاق الكيل عليه من إطلاق المصدر على المفعول بقرينة الإشارة.
قيل : إن يعقوب ـ عليهالسلام ـ قال لهم : لعلهم نسوا البضاعة فإذا قدمتم عليهم فأخبروهم بأنكم وجدتموها في رحالكم.
(قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ (٦٦))
اشتهر الإيتاء والإعطاء وما يراد بهما في إنشاء الحلف ليطمئن بصدق الحالف غيره وهو المحلوف له.
وفي حديث الحشر «فيعطي الله من عهود ومواثيق أن لا يسأله غيره» ، كما أطلق فعل الأخذ على تلقي المحلوف له للحلف ، قال تعالى : وأخذنا (مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) [سورة النساء : ٢١] و (قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) [سورة يوسف : ٨٠].
ولعل سبب إطلاق فعل الإعطاء أن الحالف كان في العصور القديمة يعطي المحلوف له شيئا تذكرة لليمين مثل سوطه أو خاتمه ، أو أنهم كانوا يضعون عند صاحب الحق ضمانا يكون رهينة عنده. وكانت الحمالة طريقة للتوثق فشبه اليمين بالحمالة. وأثبت له الإعطاء والأخذ على طريقة المكنيّة ، وقد اشتهر ضد ذلك في إبطال التوثق يقال : ردّ عليه حلفه.
والموثق : أصله مصدر ميمي للتوثّق ، أطلق هنا على المفعول وهو ما به التوثق ، يعني اليمين.
و (مِنَ اللهِ) صفة ل (مَوْثِقاً) ، و (مِنَ) للابتداء ، أي موثقا صادرا من الله تعالى.
ومعنى ذلك أن يجعلوا الله شاهدا عليهم فيما وعدوا به بأن يحلفوا بالله فتصير شهادة الله عليهم كتوثق صادر من الله تعالى بهذا الاعتبار. وذلك أن يقولوا : لك ميثاق الله أو عهد