الله أو نحو ذلك ، وبهذا يضاف الميثاق والعهد إلى اسم الجلالة كأنّ الحالف استودع الله ما به التوثق للمحلوف له.
وجملة (لَتَأْتُنَّنِي بِهِ) جواب لقسم محذوف دلّ عليه (مَوْثِقاً). وهو حكاية لقول يقوله أبناؤه المطلوب منهم إيقاعه حكاية بالمعنى على طريقة حكاية الأقوال لأنهم لو نطقوا بالقسم لقالوا : لنأتينك به ، فلما حكاه هو ركب الحكاية بالجملة التي هي كلامهم وبالضمائر المناسبة لكلامه بخطابه إياهم.
ومن هذا النوع قوله تعالى حكاية عن عيسى ـ عليهالسلام ـ (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) [سورة المائدة : ١١٧] ، وإن ما أمره الله : قل لهم أن يعبدوا ربك وربهم.
ومعنى (يُحاطَ بِكُمْ) يحيط بكم محيط والإحاطة : الأخذ بأسر أو هلاك مما هو خارج عن قدرتهم ، وأصله إحاطة الجيش في الحرب ، فاستعمل مجازا في الحالة التي لا يستطاع التغلب عليها ، وقد تقدم عند قوله تعالى : (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ) [سورة يونس : ٢٢].
والاستثناء في (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) استثناء من عموم أحوال ، فالمصدر المنسبك من (أَنْ) مع الفعل في موضع الحال ، وهو كالإخبار بالمصدر فتأويله : إلّا محاطا بكم.
وقوله : (اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) تذكير لهم بأن الله رقيب على ما وقع بينهم. وهذا توكيد للحلف.
والوكيل : فعيل بمعنى مفعول ، أي موكول إليه ، وتقدم في (وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) في سورة آل عمران [١٧٣].
(وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (٦٧))
(وَقالَ يا بَنِيَ)عطف على جملة (قالَ اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ)[يوسف : ٦٦].
وإعادة فعل (قالَ) للإشارة إلى اختلاف زمن القولين وإن كانا معا مسبّبين على إيتاء موثقهم ، لأنه اطمأن لرعايتهم ابنه وظهرت له المصلحة في سفرهم للامتار ، فقوله : (يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ) صادر في وقت إزماعهم الرحيل. والمقصود من حكاية