كلاهما.
ثم كان من اللطائف أن قوبل الوصفان اللذان في آية سورة إبراهيم (لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) بوصفين هنا (لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) إشارة إلى أن تلك النّعم كانت سببا لظلم الإنسان وكفره وهي سبب لغفران الله ورحمته. والأمر في ذلك منوط بعمل الإنسان.
(وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ (١٩))
عطف على جملة (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) [سورة النحل : ١٧]. فبعد أن أثبت أن الله منفرد بصفة الخلق دون غيره بالأدلّة العديدة ثم باستنتاج ذلك بقوله : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) انتقل هنا إلى إثبات أنه منفرد بعموم العلم.
ولم يقدم لهذا الخبر استدلال ولا عقّب بالدّليل لأنه مما دلّت عليه أدلّة الانفراد بالخلق ، لأن خالق أجزاء الإنسان الظاهرة والباطنة يجب له أن يكون عالما بدقائق حركات تلك الأجزاء وهي بين ظاهر وخفيّ ، فلذلك قال : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ).
والمخاطب هنا هم المخاطبون بقوله تعالى : (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) [سورة النحل : ١٧]. وفيه تعريض بالتهديد والوعيد بأن الله محاسبهم على كفرهم.
وفيه إعلام بأن أصنامهم بخلاف ذلك كما دلّ عليه تقديم المسند إليه على الخبر الفعلي فإنه يفيد القصر لردّ دعوى الشركة.
وقرأ حفص ما يسرون وما يعلنون بالتحتية فيهما ، وهو التفات من الخطاب إلى الغيبة. وعلى قراءته تكون الجملة أظهر في التهديد منها في قصد التعليم.
[٢٠ ، ٢١] (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠) أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٢١))
عطف على جملة (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ) [سورة النحل : ١٧] وجملة (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ) [سورة النحل : ١٩].
وما صدق (الَّذِينَ) الأصنام. وظاهر أن الخطاب هنا متمحّض للمشركين وهم بعض المخاطبين في الضمائر السابقة.