و (يُبْعَثُونَ) عائدان إلى الكفّار على طريق الالتفات في قراءة الجمهور ، وعلى تناسق الضمائر في قراءة عاصم ويعقوب.
والمقصود من نفي شعورهم بالبعث تهديدهم بأن البعث الذي أنكروه واقع وأنهم لا يدرون متى يبغتهم ، كما قال تعالى : (لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) [سورة الأعراف : ١٨٧].
والبعث : حقيقته الإرسال من مكان إلى آخر. ويطلق على إثارة الجاثم. ومنه قولهم : بعثت البعير ، إذا أثرته من مبركه. ولعلّه من إطلاق اسم الشيء على سببه. وقد غلب البعث في اصطلاح القرآن على إحضار الناس إلى الحساب بعد الموت. فمن كان منهم ميتا فبعثه من جدثه ، ومن كان منهم حيا فصادفته ساعة انتهاء الدنيا فمات ساعتئذ فبعثه هو إحياؤه عقب الموت ، وبذلك لا يعكر إسناد نفي الشعور بوقت البعث عن الكفّار الأحياء المهدّدين. ولا يستقيم أن يكون ضمير (يَشْعُرُونَ) عائدا إلى الذين تدعون ، أي الأصنام.
و (أَيَّانَ) اسم استفهام عن الزمان. مركبة من (أي) و (آن) بمعنى أي زمن ، وهي معلقة لفعل (يَشْعُرُونَ) عن العمل بالاستفهام ، والمعنى : وما يشعرون بزمن بعثهم. وتقدم (أَيَّانَ) في قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) في سورة الأعراف [١٨٧].
[٢٢ ، ٢٣] (إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (٢٢) لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (٢٣))
استئناف نتيجة لحاصل المحاجّة الماضية ، أي قد ثبت بما تقدّم إبطال إلهية غير الله ، فثبت أن لكم إلها واحدا لا شريك له ، ولكون ما مضى كافيا في إبطال إنكارهم الوحدانية عرّيت الجملة عن المؤكّد تنزيلا لحال المشركين بعد ما سمعوا من الأدلّة منزلة من لا يظن به أنه يتردّد في ذلك بخلاف قوله تعالى : إن (إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) في سورة البقرة [١٦٣] خطاب لأهل الكتاب.
وتفرّع عليه الإخبار بجملة (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ) ، وهو تفريع الأخبار عن الأخبار ، أي يتفرّع على هذه القضية القاطعة بما تقدّم من الدّلائل أنكم قلوبكم منكرة وأنتم مستكبرون وأن ذلك ناشئ عن عدم إيمانكم بالآخرة.
والتعبير عن المشركين بالموصول وصلته «الذين لا يؤمنون بالآخرة» لأنهم قد عرفوا