وقرأ نافع تشقون ـ بكسر النون ـ على حذف ياء المتكلّم ، أي تعاندونني ، وذلك بإنكارهم ما أمرهم الله على لسان رسوله صلىاللهعليهوسلم. وقرأ البقيّة (تُشَاقُّونَ) ـ بفتح النون ـ وحذف المفعول للعلم ، أي تعاندون من يدعوكم إلى التّوحيد.
و (في) للظرفيّة المجازيّة مع حذف مضاف ، إذ المشاقّة لا تكون في الذوات بل في المعاني. والتّقدير : في إلهيتهم أو في شأنهم.
(قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ)
جملة ابتدائية حكت قول أفاضل الخلائق حين يسمعون قول الله تعالى على لسان ملائكة العذاب : (أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ).
وجيء بجملة (قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) غير معطوفة لأنها واقعة موقع الجواب لقوله: (أَيْنَ شُرَكائِيَ) للتّنبيه على أنّ الّذين أوتوا العلم ابتدروا الجواب لما وجم المشركون فلم يحيروا جوابا ، فأجاب الّذين أوتوا العلم جوابا جامعا لنفي أن يكون الشركاء المزعومون مغنين عن الّذين أشركوا شيئا ، وأنّ الخزي والسوء أحاطا بالكافرين.
والتعبير بالماضي لتحقيق وقوع القول.
والّذين أوتوا العلم هم الذين آتاهم الله علم الحقائق من الرّسل والأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ والمؤمنون ، كقوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ) [سورة الروم : ٥٦] ، أي يقولون في ذلك الموقف من جرّاء ما يشاهدوا من مهيّأ العذاب للكافرين كلاما يدلّ على حصر الخزي والضرّ يوم القيامة في الكون على الكافرين. وهو قصر ادعائي لبلوغ المعرف بلام الجنس حدّ النّهاية في جنسه حتّى كأنّ غيره من جنسه ليس من ذلك الجنس.
وتأكيد الجملة بحرف التوكيد وبصيغة القصر والإتيان بحرف الاستعلاء الدّال على تمكّن الخزي والسوء منهم يفيد معنى التّعجّب من هول ما أعدّ لهم.
[٢٨ ، ٢٩] (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٢٩))