منهم.
و (يَأْكُلُوا) مجزوم بلام الأمر محذوفة كما تقدم بيانه عند قوله تعالى : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) في سورة إبراهيم [٣١]. وهو أمر للتوبيخ والتوعد والإنذار بقرينة قوله : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ). وهو كقوله : (كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ) [سورة المرسلات : ٤٦].
ولا يحسن جعله مجزوما في جواب (ذَرْهُمْ) لأنهم يأكلون ويتمتعون سواء ترك الرسول صلىاللهعليهوسلم دعوتهم أم دعاهم.
والتمتع : الانتفاع بالمتاع. وقد تقدم غير مرة ، منها قوله : (وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) في سورة الأعراف [٢٤].
وإلهاء الأمل إياهم : هو إنساؤه إياهم ما حقهم أن يتذكروه ؛ بأن يصرفهم تطلب ما لا ينالون عن التفكير في البعث والحياة الآخرة.
و (الْأَمَلُ) : مصدر. وهو ظن حصول أمر مرغوب في حصوله مع استبعاد حصوله. فهو واسطة بين الرجاء والطمع. ألا ترى إلى قول كعب :
أرجو وآمل أن تدنو مودتها |
|
وما إخال لدينا منك تنويل |
وتفرع على التعريض التصريح بالوعيد بقوله : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) بأنه مما يستعمل في الوعيد كثيرا حتى صار كالحقيقة. وفيه إشارة إلى أن لإمهالهم أجلا معلوما كقوله : (وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ) [سورة الفرقان : ٤٢].
[٤ ـ ٥] (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ (٤) ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٥))
اعتراض تذييلي لأن في هذه الجملة حكما يشملهم وهو حكم إمهال الأمم التي حق عليها الهلاك ، أي ما أهلكنا أمّة إلا وقد متّعناها زمنا وكان لهلاكها أجل ووقت محدود ، فهي ممتعة قبل حلوله ، وهي مأخوذة عند إبانه.
وهذا تعريض لتهديد ووعيد مؤيد بتنظيرهم بالمكذبين السالفين.
وإنما ذكر حال القرى التي أهلكت من قبل لتذكير هؤلاء بسنّة الله في إمهال الظالمين لئلا يغرّهم ما هم فيه من التمتع فيحسبوا أنهم أفلتوا من الوعيد. وهذا تهديد لا يقتضي أن