عين معنى المفعول المطلق.
و (عَلَيْهِ) صفة ل (وَعْداً) ، أي وعدا كالواجب عليه في أنه لا يقبل الخلف. ففي الكلام استعارة مكنية. شبه الوعد الذي وعده الله بمحض إرادته واختياره بالحقّ الواجب عليه ورمز إليه بحرف الاستعلاء.
و (حَقًّا) صفة ثانية ل (وَعْداً). والحقّ هنا بمعنى الصدق الذي لا يتخلّف. وقد تقدم نظيره في قوله تعالى : (وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ) في سورة براءة [١١١].
والمراد بأكثر الناس المشركون ، وهم يومئذ أكثر الناس. ومعنى (لا يَعْلَمُونَ) أنهم لا يعلمون كيفيّة ذلك فيقيمون من الاستبعاد دليل استحالة حصول البعث بعد الفناء.
والاستدراك ناشئ عن جعله وعدا على الله حقّا ، إذ يتوهّم السامع أن مثل ذلك لا يجهله أحد فجاء الاستدراك لرفع هذا التوهّم ، ولأن جملة (وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا) تقتضي إمكان وقوعه والناس يستبعدون ذلك.
(لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ (٣٩))
(لِيُبَيِّنَ) تعليل لقوله تعالى : (وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا) [سورة النحل : ٣٨] لقصد بيان حكمة جعله وعدا لازما لا يتخلّف ، لأنه منوط بحكمة ، والله تعالى حكيم لا تجري أفعاله على خلاف الحكمة التامّة ، أي جعل البعث ليبيّن للناس الشيء الذي يختلفون فيه من الحقّ والباطل فيظهر حقّ المحقّ ويظهر باطل المبطل في العقائد ونحوها من أصول الدّين وما ألحق بها.
وشمل قوله : (يَخْتَلِفُونَ) كل معاني المحاسبة على الحقوق لأن تمييز الحقوق من المظالم كلّه محل اختلاف الناس وتنازعهم.
وعطف على هذه الحكمة العامّة حكمة فرعيّة خاصّة بالمردود عليهم هنا ، وهي حصول العلم للّذين كفروا بأنهم كانوا كاذبين فيما اخترعوه من الشرك وتحريم الأشياء وإنكار البعث.
وفي حصول علمهم بذلك يوم البعث مثار للندامة والتحسّر على ما فرط منهم من