اعتقادهم ، فالمجنون اسم مفعول مشتق من الفعل المبني للمجهول وهو من الأفعال التي لم ترد إلا مسندة للمجهول.
وتأكيد الجملة ب (إن) واللام لقصدهم تحقيق ذلك له لعلّه يرتدع عن الاستمرار فيه أو لقصدهم تحقيقه للسامعين حاضري مجالسهم.
وجملة (لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ) استدلال على ما اقتضته الجملة قبلها باعتبار أن المقصود منها تكذيب الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ لأن ما يصدر من المجنون من الكلام لا يكون جاريا على مطابقة الواقع فأكثره كذب.
و (لَوْ ما) حرف تحضيض بمنزلة لو لا التحضيضية. ويلزم دخولها الجملة الفعلية.
والمراد بالإتيان بالملائكة حضورهم عندهم ليخبرهم بصدقه في الرسالة. وهذا كما حكى الله في الآية الأخرى بقوله تعالى : (أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) [سورة الإسراء: ٩٢].
و (مِنَ الصَّادِقِينَ) أي من الناس الذين صفتهم الصدق ، وهو أقوى من (إن كنت صادقا) ، كما تقدم في قوله تعالى : (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) في سورة براءة [٢١٩] ، وفي قوله : (قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ) في سورة البقرة [٦٧].
(ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ (٨))
مستأنفة ابتدائية جوابا لكلامهم وشبهاتهم ومقترحاتهم.
وابتدئ في الجواب بإزالة شبهتهم إذ قالوا : (لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ) [سورة الحجر : ٧]. أريد منه إزالة جهالتهم إذ سألوا نزول الملائكة علامة على التصديق لأنهم وإن طلبوا ذلك بقصد التهكم فهم مع ذلك معتقدون أن نزول الملائكة هو آية صدق الرسول صلىاللهعليهوسلم ، فكان جوابهم مشوبا بطرف من الأسلوب الحكيم ، وهو صرفهم إلى تعليمهم الميز بين آيات الرسل وبين آيات العذاب ، فأراد الله أن لا يدخرهم هديا وإلا فهم أحرياء بأن لا يجابوا.
والنزول : التدلي من علو إلى سفل. والمراد به هنا انتقال الملائكة من العالم العلوي إلى العالم الأرضي نزولا مخصوصا. وهو نزولهم لتنفيذ أمر الله بعذاب يرسله على