وفيها مع ذكر النار في مقابلتها محسن الطباق. على أن قراءة نافع تحتمل التفسير بهذا أيضا لجواز أن يقال : أفرط إلى الماء إذا تقدّم له.
(تَاللهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦٣))
استئناف ابتدائي داخل في الكلام الاعتراضي قصد منه تنظير حال المشركين المتحدث عنهم وكفرهم في سوء أعمالهم وأحكامهم بحال الأمم الضالّة من قبلهم الذين استهواهم الشيطان من الأمم البائدة مثل عاد وثمود ، والحاضرة كاليهود والنصارى.
ووجّه الخطاب إلى النبي صلىاللهعليهوسلم لقصد إبلاغه إلى أسماع الناس فإن القرآن منزل لهدي الناس ، فتأكيد الخبر بالقسم منظور فيه إلى المقصودين بالخبر لا إلى الموجّه إليه الخبر ، لأن النبي صلىاللهعليهوسلم لا يشكّ في ذلك.
ومصبّ القسم هو التفريع في قوله تعالى : (فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ).
وأما الإرسال إلى أمم من قبلهم فلا يشكّ فيه المشركون. وشأن التاء المثناة أن تقع في قسم على مستغرب مصبّ القسم هنا هو المفرد بقوله تعالى (فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) لأن تأثير تزيين الشيطان لهم أعمالهم بعد ما جاءهم من إرشاد رسلهم أمر عجيب. وتقدم الكلام على حرف تاء القسم آنفا عند قوله تعالى : (تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ) [سورة النحل : ٥٦].
وجملة (فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) معطوفة على جملة جواب القسم. والتقدير : أرسلنا فزيّن لهم الشيطان أعمالهم.
وتزيين الشيطان أعمالهم كناية عن المعاصي. فمن ذلك عدم الإيمان بالرسل وهو كمال التنظير. ومنها الابتداعات المنافية لما جاءت به الرسل ـ عليهمالسلام ـ مثل ابتداع المشركين البحيرة والسائبة. والمقصود : أن المشركين سلكوا مسلك من قبلهم من الأمم التي زيّن لهم الشيطان أعمالهم.
وجملة (فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ) يجوز أن تكون مفرّعة على جملة القسم بتمامها ، على أن يكون التّفريع هو المقصود من جملة الاستئناف للتنظير ، فيكون ضمير (وَلِيُّهُمُ) عائدا إلى المنظّرين بقرينة السياق. ولا مانع من اختلاف معادي ضميرين متقاربين مع القرينة ، كقوله