قائمة الکتاب
16 ـ سورة النحل
(وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) إلى (لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)
١٦٤(وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً) إلى (لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ)
٩٢(ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ) إلى (إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)
٥٢
البحث
البحث في تفسير التّحرير والتّنوير
إعدادات
تفسير التّحرير والتّنوير [ ج ١٣ ]
![تفسير التّحرير والتّنوير [ ج ١٣ ] تفسير التّحرير والتّنوير](https://stage-book.rafed.net/_next/image?url=https%3A%2F%2Flib.rafed.net%2FBooks%2F2917_altahrir-wal-tanwir-13%2Fimages%2Fcover.jpg&w=640&q=75)
تفسير التّحرير والتّنوير [ ج ١٣ ]
المؤلف :الشيخ محمّد الطاهر ابن عاشور
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الصفحات :280
تحمیل
الملك إلى الرسول وحيا لأنه خفيّ عن أسماع الناس.
وأطلق الوحي هنا على التكوين الخفيّ الذي أودعه الله في طبيعة النحل ، بحيث تنساق إلى عمل منظّم مرتّب بعضه على بعض لا يختلف فيه آحادها تشبيها للإلهام بكلام خفيّ يتضمّن ذلك الترتيب الشّبيه بعمل المتعلّم بتعليم المعلّم ، أو المؤتمر بإرشاد الآمر ، الذي تلقّاه سرّا ، فإطلاق الوحي استعارة تمثيليّة.
و (النَّحْلِ) : اسم جنس جمعي ، واحده نحلة ، وهو ذباب له جرم بقدر ضعفي جرم الذّباب المتعارف ، وأربعة أجنحة ، ولون بطنه أسمر إلى الحمرة ، وفي خرطومه شوكة دقيقة كالشوكة التي في ثمرة التين البربري (المسمى بالهندي) مختفية تحت خرطومه يلسع بها ما يخافه من الحيوان ، فتسمّ الموضع سمّا غير قوي ، ولكن الذبابة إذا انفصلت شوكتها تموت. وهو ثلاثة أصناف : ذكر وأنثى وخنثى ، فالذكور هي التي تحرس بيوتها ولذلك تكون محوّمة بالطيران والدّوي أمام البيت وهي تلقح الإناث لقاحا به تلد الإناث إناثا.
والإناث هي المسمّاة اليعاسيب ، وهي أضخم جرما من الذكور. ولا تكون التي تلد في البيوت إلا أنثى واحدة ، وهي قد تلد بدون لقاح ذكر ؛ ولكنّها في هذه الحالة لا تلد إلا ذكورا فليس في أفراخها فائدة لإنتاج الوالدات.
وأما الخنثى فهي التي تفرز العسل ، وهي العواسل ، وهي أصغر جرما من الذكور وهي معظم سكان بيت النّحل.
و (أَنِ) تفسيرية ، وهي ترشيح للاستعارة التمثيلية ، لأنّ (أَنِ) التفسيريّة من روادف الأفعال الدالة على معنى القول دون حروفه.
واتّخاذ البيوت هو أوّل مراتب الصنع الدّقيق الذي أودعه الله في طبائع النحل فإنها تبني بيوتا بنظام دقيق ، ثم تقسم أجزاءها أقساما متساوية بأشكال مسدّسة الأضلاع بحيث لا يتخلّل بينها فراغ تنساب منه الحشرات ، لأن خصائص الأشكال المسدّسة إذا ضمّ بعضها إلى بعض أن تتّصل فتصير كقطعة واحدة ، وما عداها من الأشكال من المثلّث إلى المعشّر إذا جمع كلّ واحد منها إلى أمثاله لم تتّصل وحصلت بينها فرج ، ثم تغشي على سطوح المسدّسات بمادة الشمع ، وهو مادة دهنية متميّعة أقرب إلى الجمود ، تتكوّن في كيس دقيق جدا تحت حلقة بطن النحلة العاملة فترفعه النحلة بأرجلها إلى فمها وتمضغه وتضع بعضه لصق بعض لبناء المسدّس المسمى بالشهد لتمنع تسرّب العسل منها.