وقرأ الجمهور ما تنزل بفتح التاء على أن أصله (تتنزّل).
وقرأ أبو بكر عن عاصم ـ بضم التاء وفتح الزاي على البناء للمجهول ورفع الملائكة على النيابة ـ.
وقرأ الكسائي ، وحفص عن عاصم ، وخلف (ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ) ـ بنون في أوله وكسر الزاي ونصب الملائكة على المفعولية ـ.
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٩))
استئناف ابتدائي لإبطال جزء من كلامهم المستهزئين به ، إذ قالوا : (يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) [سورة الحجر : ٦] ، بعد أن عجل كشف شبهتهم في قولهم : (لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [سورة الحجر : ٧].
جاء نشر الجوابين على عكس لفّ المقالين اهتماما بالابتداء بردّ المقال الثاني بما فيه من الشبهة بالتعجيز والإفحام ، ثم ثني العنان إلى ردّ تعريضهم بالاستهزاء وسؤال رؤية الملائكة.
وكان هذا الجواب من نوع القول بالموجب بتقرير إنزال الذكر على الرسول صلىاللهعليهوسلم مجاراة لظاهر كلامهم. والمقصود الردّ عليهم في استهزائهم ، فأكد الخبر ب (إِنَّا) وضمير الفصل مع موافقته لما في الواقع كقوله : (قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) [سورة المنافقون : ١].
ثم زاد ذلك ارتقاء ونكاية لهم بأن منزل الذكر هو حافظه من كيد الأعداء ؛ فجملة (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) معترضة ، والواو اعتراضية.
والضمير المجرور باللام عائد إلى (الذِّكْرَ) ، واللام لتقوية عمل العامل لضعفه بالتأخير عن معموله.
وشمل حفظه الحفظ من التلاشي ، والحفظ من الزيادة والنقصان فيه ، بأن يسّر تواتره وأسباب ذلك ، وسلّمه من التبديل والتغيير حتى حفظته الأمّة عن ظهور قلوبها من حياة النبي صلىاللهعليهوسلم ، فاستقرّ بين الأمّة بمسمع من النبي صلىاللهعليهوسلم وصار حفّاظه بالغين عدد التواتر في كل مصر.
وقد حكى عياض في «المدارك» : أن القاضي إسماعيل بن إسحاق بن حماد المالكي