آل عمران ؛ أو المطعومات والمشروبات اللذيذة الصالحة. وقد تقدم ذكر الطيّبات عند قوله تعالى : (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) في سورة العقود [٥] ، وذكر الطيّب في قوله تعالى : (كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً) في سورة البقرة [١٦٨].
وفرع على هذه الحجّة والمنّة استفهام توبيخ على إيمانهم بالباطل البيّن ، فتفريع التوبيخ عليه واضح الاتجاه.
والباطل : ضد الحقّ لأن ما لا يخلق لا يعبد بحقّ. وتقديم المجرور في قوله تعالى : (أَفَبِالْباطِلِ) على متعلّقه للاهتمام بالتعريف بباطلهم.
والالتفات عن الخطاب السابق إلى الغيبة في قوله تعالى : (أَفَبِالْباطِلِ) يجري الكلام فيه على نحو ما تقدم في قوله تعالى : (أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ) [سورة النحل : ٧١].
وقوله تعالى : (وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) عطف على جملة التوبيخ ، وهو توبيخ متوجّه على ما تضمّنه قوله تعالى : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) إلى قوله : (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) من الامتنان بذلك الخلق والرزق بعد كونهما دليلا على انفراد الله بالإلهية.
وتقديم المجرور في قوله تعالى : (بِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) على عامله للاهتمام.
وضمير الغيبة في قوله تعالى : (هُمْ يَكْفُرُونَ) ضمير فصل لتأكيد الحكم بكفرانهم النّعمة لأن كفران النّعمة أخفى من الإيمان بالباطل ، لأن الكفران يتعلّق بحالات القلب ، فاجتمع في هذه الجملة تأكيدان : التأكيد الذي أفاده التقديم ، والتأكيد الذي أفاده ضمير الفصل.
والإتيان بالمضارع في (يُؤْمِنُونَ) و (يَكْفُرُونَ) للدّلالة على التجدّد والتّكرير.
وفي الجمع بين (يُؤْمِنُونَ) و (يَكْفُرُونَ) محسن بديع الطباق.
(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ (٧٣))
عطف على جملتي التّوبيخ وهو مزيد من التّوبيخ فإن الجملتين المعطوف عليهما أفادتا توبيخا على إيمانهم بالآلهة الباطل وكفرهم بنعمة المعبود الحقّ.