٢٢] ، وقوله : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) [سورة يس : ٧٨].
و (الْأَمْثالَ) هنا جمع مثل ـ بفتحتين ـ بمعنى المماثل ، كقولهم : شبه بمعنى مشابه. وضرب الأمثال شاع استعماله في تشبيه حالة بحالة وهيئة بهيئة ، وهو هنا استعمال آخر.
ومعنى الضرب في قولهم : ضرب كذا مثلا ، بيّنّاه عند قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما) في سورة البقرة [٢٦].
واللّام في (لِلَّهِ) متعلقة ب (الْأَمْثالَ) لا ب (تَضْرِبُوا) ، إذ ليس المراد أنهم يضربون مثل الأصنام بالله ضربا للناس كقوله تعالى : (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ) [سورة الروم : ٢٨].
ووجه كون الإشراك ضرب مثل لله أنهم أثبتوا للأصنام صفات الإلهية وشبّهوها بالخالق ، فإطلاق ضرب المثل عليه مثل قوله تعالى : (وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً) [سورة الزخرف : ٥٨]. وقد كانوا يقولون عن الأصنام هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، والملائكة هنّ بنات الله من سروات الجنّ ، فذلك ضرب مثل وتشبيه لله بالحوادث في التأثّر بشفاعة الأكفاء والأعيان والازدهاء بالبنين.
وجملة (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ) تعليل للنّهي عن تشبيه الله تعالى بالحوادث ، وتنبيه على أن جهلهم هو الذي أوقعهم في تلك السخافات من العقائد ، وأن الله إذ نهاهم وزجرهم عن أن يشبّهوه بما شبّهوه إنما نهاهم لعلمه ببطلان اعتقادهم.
وفي قوله تعالى : (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) استدعاء لإعمال النّظر الصحيح ليصلوا إلى العلم البريء من الأوهام.
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٧٥))
أعقب زجرهم عن أن يشبّهوا الله بخلقه أو أن يشبّهوا الخلق بربّهم بتمثيل حالهم في ذلك بحال من مثل عبدا بسيّده في الإنفاق ، فجملة (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً) إلخ مستأنفة